ولأن الشافعي قال في الأم: " ولو دبره ثم رهنه، كان الرهن مفسوخا، ولو قال: رجعت عن التدبير ثم رهنه، ففيها قولان " (1) وهذا نص في أنه قبل أن يرجع فيه لا يصح الرهن قولا واحدا.
قال هذا القائل: وإنما كان كذلك؛ لأن الرهن ليس بصريح في الرجوع عن التدبير، فلم يكن رجوعا، ويفارق سائر الوصايا حيث كان الرهن رجوعا عنها؛ لأن التدبير وإن قلنا: إنه وصية فإنه آكد وأقوى منها؛ لأنه عتق يتنجز بالموت، وقد يكون بعض الوصايا آكد من بعض، فيقدم بعضها على بعض.
ومنهم من قال: يصح الرهن، ويكون التدبير بحاله؛ لأن الشافعي قال: " ما جاز بيعه جاز رهنه " (2) والمدبر يجوز بيعه. ولأن التدبير لا ينافي الوثيقة؛ لأنه لا يمنع من البيع عند محل الحق.
قال: وقول الشافعي: " يكون الرهن مفسوخا " أراد به إذا امتنع الراهن من بيعه والرجوع في التدبير، فإنه يحكم بانفساخ الرهن.
وبيان ذلك: أن على هذه الطريقة يكون رهنا مدبرا، فإن قضاه الراهن من غيره، كان العبد مدبرا. وإن باعه في الدين، بطل التدبير.
وإن امتنع من بيعه ومن الرجوع في التدبير، فإن كان له مال غيره، قضي الدين منه، واجبر عليه.
وإن لم يكن له مال، قال أبو إسحاق من الشافعية: فيه وجهان:
أحدهما: يباع عليه، وينفسخ التدبير.