وقال أبو حنيفة: يكون الأول رهنا حتى يرده على الراهن، والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول؛ لأن الضمان في الأول متعلق بالقبض والدين، فيبقى ما بقي القبض والدين، وإذا لم يوجد الرد، بقي الأول رهنا في يده، ومن ضرورة بقائه أنه لا يثبت الثاني؛ لأن الراهن لم يرض بجعلهما رهنا، وإنما رضي بأحدهما، فإذا لم يخرج الأول من ضمان الرهن، لم يتعلق بالثاني ضمان، فإذا رد الأول، انتقض الرهن فيه، وقام الثاني مقام الأول.
ثم قيل: ما لم يقبض الثاني قبضا مستأنفا لم يصر مضمونا، لأن القبض الأول لم يوجب الضمان؛ لأن يد المرتهن عليه يد أمانة (ويد الراهن يد) (1) استيفاء وضمان، فلا ينوب الأدنى عن الأعلى كمن له على آخر جياد فاستوفى زيوفا ظنها جيادا ثم علم بالزيافة وطالبه بالجياد وأخذها، فالجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف ويجدد القبض.
وقيل: لا يشترط تجديد القبض؛ لأن يد الأمانة تنوب عن يد المرتهن، لأن الرهن تبرع كالهبة، وقبض الأمانة ينوب عن قبض الهبة.
ولأن عين [الرهن] (2) أمانة، والقبض يرد على العين، فينوب قبض الأمانة عن قبض العين (3).
مسألة 256: تصرفات الراهن في الرهن ببيع أو هبة أو إجارة لا تقع باطلة من أصلها، بل لو أجازها المرتهن، لزمت، فتقع صحيحة. ولو