الإجارة أو الرهن أو الهبة، نفذت، ولم ينفذ البيع السابق عندنا.
وقال أبو حنيفة: ينفذ البيع السابق؛ لأن تصرف الراهن في الرهن إذا كان يبطل حق المرتهن، لا ينفذ إلا بإجازة المرتهن، فإذا أجاز المرتهن تصرفه، ينظر فيه، فإن كان تصرفا يصلح حقا للمرتهن، ينفذ بإجازة المرتهن التصرف الذي لحقه الإجازة. وإن كان تصرفا لا يصلح حقا للمرتهن، فبالإجازة يبطل حق المرتهن، والنفاذ يكون من جهة الراهن، فينفذ السابق من تصرفات الراهن.
وإن كان المرتهن أجاز اللاحق، فنقول حينئذ: المرتهن ذو حظ من البيع الثاني؛ لأنه يتحول حقه إلى الثمن بناء على مذهبه من أن إجازة المرتهن البيع تفيد تعلق الرهن بالثمن، فيصير الثمن رهنا عنده، ويكون المرتهن أحق بثمنه من الغرماء لو مات الراهن، فصح تعيينه، لتعلق حق الفائدة به، ولا حق للمرتهن في هذه العقود؛ إذ لا بدل في الهبة والرهن.
وأما الإجارة فبدلها في مقابلة المنفعة، وحقه في مالية العين لا في المنفعة، فكانت إجازته إسقاطا لحقه، فزال المانع من النفاذ، فنفذ البيع السابق، كما لو باع المستأجر من اثنين فأجاز المستأجر الثاني، نفذ الأول؛ لأنه لا حق له في الثمن، فكانت الإجازة إسقاطا (1).
وهذا الضابط الذي ذكره ممنوع.
مسألة 238: لو استعار الراهن الرهن من المرتهن، خرج من ضمان المرتهن عند أبي حنيفة؛ لأن الضمان باعتبار قبضه وقد زال. فإن هلك في يد الراهن، هلك بغير شيء؛ لفوات القبض الموجب للضمان، وللمرتهن