الرواية الثانية - لما رواه أنس أن أبا طلحة سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أيتام ورثوا خمرا، فقال له: " اهرقها " فقال: أنخللها؟ فقال: " لا " (1) وإذا ثبت أنه محظور، لم يكن سببا في الإباحة، كقتل الصيد في الحرم.
ولأنه مائع لا يطهر بالكثرة، فلم يطهر بالصنعة، كاللبن النجس. ولأن ما يقع فيه ينجس، فلا يمكن طهارة الخمر دونه، والمطروح فيه لا يحصل فيه الاستحالة، فهو باق على نجاسته (2).
والسؤال وقع عن قضية خاصة، فجاز أن لا تتخلل تلك الخمرة.
ولا يلزم من تحريم السبب - لو سلم تحريمه هنا - تحريم المسبب، فإن من اصطاد بآلة محرمة فعل محظورا وكان الصيد حلالا له. وكذا لو طلق في الحيض - عندهم - فعل سببا محرما، وحصلت به البينونة. ونظائره كثيرة لا تحصى. وقتل الصيد في الحرم بمنزلة خنق الصيد. والخمرية المقتضية للتنجيس قد زالت، فيزول معلولها، وهو التنجيس، بخلاف المقيس عليه.
واستحالة الخمر مطهرة له. والمطروح فيه كالآنية.
فروع:
أ - إذا كانت الخمر في ظرف فنقلها من الظل إلى الشمس أو من الشمس إلى الظل فتخللت، طهرت عندنا.
وللشافعية وجهان، هذا أحدهما؛ لأنه لم يخالطها ما يمنعها الطهارة،