وقال أبو حنيفة: إذا طالب المرتهن الراهن بالدين، أمر المرتهن بإحضار الرهن؛ لأن قبض الرهن قبض استيفاء، فلو أمر بقضاء الدين قبل إحضار الرهن، ربما يهلك الدين بعد ذلك، فيصير مستوفيا لدينه مرتين بناء على مذهبه من الضمان، فإذا أحضره، أمر الراهن بتسليم دينه أولا؛ لتعين حقه كما تعين حق الراهن، تحقيقا للتسوية، كما في تسليم المبيع والثمن يحضر المبيع ثم يسلم الثمن أولا.
وكذا إن طالبه بالدين في غير بلد الرهن ولا حمل له ولا مؤونة، لأن الأماكن كلها كمكان العقد فيما لا حمل له ولا مؤونة، ألا ترى أنه لا يشترط فيه بيان مكان الإيفاء في السلم بالإجماع، فيؤمر بإحضاره.
وإن كان لحمله مؤونة، يأخذ دينه، ولا يكلف المرتهن بإحضار الرهن؛ لأن المرتهن عاجز عن الإحضار، والتسليم غير واجب عليه في بلد لم يجر فيه العقد. ولأن الواجب عليه التسليم بمعنى التخلية، لا النقل من مكان إلى مكان؛ لأن العين أمانة (1).
مسألة 236: لو باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن، فإن فسخه المرتهن، بطل. وإن أمضاه، نفذ. وإن لم يحصل منه إذن ولا فسخ؛ لعدم اطلاعه عليه، كان البيع موقوفا على الإجازة، ولا يقع باطلا في أصله، وبه قال أبو حنيفة (2).
وقال أبو يوسف: ينفذ البيع كالإعتاق؛ لأنه تصرف في خالص ملكه (3).