البحث الثالث: المحل.
وشروطه أربعة: أن يكون عينا مملوكة (1)، يصح تقبيضه للمرتهن، ويمكن بيعه.
الشرط الأول: أن يكون عينا، فلا يصح رهن المنافع، كما لو رهنه إجارة الدار سنة على الدين الذي له عليه؛ لأن الدين إن كان مؤجلا، فالمنافع تتلف إلى حلول الأجل، فلا تحصل فائدة الرهن. وإن كان حالا، فبقدر ما يتأخر قضاء الدين يتلف جزء من المرهون، فلا يحصل الاستيثاق. ولأن المنافع لا يصح إقباضها إلا بإتلافها، والرهن عند جماعة من شرطه الإقباض.
لا يقال: يحصل الإقباض بقبض العين كما قلتم ذلك في الإجارة.
لأنا نقول: إنما جعلنا ذلك قبضا في الإجارة؛ لأن الحاجة في المنافع داعية، ولا حاجة إلى رهن المنافع. ولأن قبض العين ليس بقبض تام في الإجارة، فلا ينتقل به الضمان.
وإن رهن أجرة داره سنة، لم يصح؛ لأن الأجرة مجهولة. ولأنها ليست مملوكة، وإنما تملك بعقد الإجارة ولم يوجد.
ورهن المدبر إبطال للتدبير على الأقوى؛ لأن التدبير وصية، وكما تبطل الوصية برهن الموصى به، فكذا المدبر يبطل برهنه.
ولو شرط رهن الخدمة فيه، بطل الشرط والرهن؛ لأن الخدمة ليست عينا يصح تعلق الرهن بها.