لأنا نقول: الفرق بينهما أنا إذا صححنا أبطلنا محل الجناية، فضمن المبطل بالأرش، وفي مسألتنا محل الجناية باق، والجناية لا تنافي الرهن، ولهذا إذا جنى بعد ما رهن، تعلقت به الجناية، ولم يبطل الرهن.
وأما إذا قلنا: لا يصح الرهن، فإن فداه السيد أو برئ من الجناية، لم يصر رهنا حتى يبدأ رهنه.
قال الشافعي: ولا فرق بين أن يكون الأرش درهما والعبد يساوي ألوفا أو غير ذلك (1).
وإنما كان كذلك؛ لأن اليسير يتعلق بجميعه كتعلق الكثير، ألا ترى أنه لو رهنه عبدا بدرهم يسوي ألوفا، لم يجز رهنه بشئ آخر عند غيره قولا واحدا، وكذا الجناية أيضا.
مسألة 128: يصح رهن المدبر عند علمائنا؛ لأن التدبير عندنا وصية وللموصي الرجوع في وصيته، وكذا المدبر له الرجوع في تدبيره، وإذا صح الرهن، بطل التدبير؛ لأن ذلك رجوع فيه.
والشافعية اختلفوا في هذه المسألة على ثلاث طرق:
منهم من قال: إنما يكون الرهن مفسوخا على القول الذي يقول: إن التدبير [تعليق] (2) عتق بصفة لا يصح الرجوع فيه، فأما إذا قلنا: إنه وصية، صح الرهن، وكان رجوعا عن التدبير، كما إذا أوصى به لزيد ثم رهنه، فإنه يكون رجوعا عن الوصية، ويصح الرهن.
ومنهم من قال: يكون الرهن مفسوخا على القولين؛ لأن السيد قد يموت فجأة، فيبطل مقصود الرهن، ولا يعلم وقت موته حتى يباع قبله.