احتج أبو حنيفة: بأنه بمنزلة التلف في يده؛ لأن العدل أمين يقبل قوله في إسقاط الضمان عن نفسه، ولا يقبل في إيجاب الضمان على غيره.
وهو ممنوع؛ لأنه وكيل للراهن في دفع الدين إلى المرتهن، وإنما هو وكيل المرتهن في حفظ الرهن، فلم يقبل قوله فيما ليس بوكيل فيه من جهته، كما لو وكل رجلا في قضاء دينه فادعى أنه سلمه إلى صاحب الدين وأنكر ذلك.
ويمنع أنه كالتلف؛ لأن قوله إذا لم يقبل على المرتهن، وجب أن يسقط قوله، ولا يكون بمنزلة الإتلاف؛ لأنه لم يدع التلف.
إذا عرفت هذا، فإذا حلف المرتهن، كان له الرجوع إما على الراهن وإما على العدل.
فإن رجع على العدل، رجع بأقل الأمرين من دينه أو قيمة الرهن.
وإذا رجع عليه، لم يرجع على الراهن بذلك؛ لأنه يقول: إن المرتهن ظالم له بما يرجع به عليه، فلم يرجع به على غيره.
وإن رجع على الراهن، كان للراهن الرجوع على العدل؛ لأن العدل فرط في الدفع؛ لأنه وكله في دفع يبرئه من المرتهن، وقد دفع دفعا لا يبرئه، إلا أن يكون الدفع بحضرة الراهن أو أشهد شاهدين فغابا أو ماتا.
مسألة 192: قد بينا أنه ليس للعدل أن يبيع مع الإطلاق إلا نقدا بثمن المثل من نقد البلد، فإن باع نسيئة فإن أجاز له ذلك، صح، وإلا بطل.
وللشافعية وجه: أنه لو باع نسيئة، صح، ولم يعتبروا به (1).
فسلم إلى المشتري، صار ضامنا.