ولا يمكن استيفاؤه من الرهن؛ لأن منفعة العين لا يمكن استيفاؤها من غيرها، وتبطل الإجارة بتلف العين.
ولو وقعت الإجارة على منفعة في الذمة - كخياطة ثوب، وبناء جدار - جاز أخذ الرهن به؛ لأنه ثابت في الذمة، ويمكن استيفاؤه من الرهن بأن يستأجر عنه (1) من يعمل، فجاز أخذ الرهن به، كالدين، ويباع عند الحاجة وتحصل المنفعة من ثمنه.
إذا عرفت هذا، فكل ما جاز أخذ الرهن به جاز أخذ الضمين به، وما لم يجز الرهن به لم يجز أخذ الضمين به، إلا ثلاثة أشياء: عهدة البيع يصح ضمانها ولا يصح الرهن بها، والكتابة لا يصح الرهن بها على إشكال سبق (2)، والأقرب: صحة الضمان فيها، وما لم يجب لا يصح أخذ الرهن به، ويصح ضمانه؛ لأن الرهن بهذه الأشياء يبطل الإرفاق، فإنه إذا باع عبده بألف ودفع رهنا يساوي ألفا، فكأنه ما قبض الثمن ولا ارتفق به. والمكاتب إذا دفع ما يساوي كتابته، فما ارتفق بالأجل؛ لأنه كان يمكنه بيع الرهن وإمضاء الكتابة ويستريح من تعطيل منافع عبده، بخلاف الضمان. ولأن ضرر الرهن يعم؛ لأنه يدوم بقاؤه عند المشتري، فيمنع البائع التصرف فيه، والضمان بخلافه.
ولا يجوز الرهن من المالك على الزكاة قبل الحلول، ولا رهن العاقلة على الدية قبله؛ لفوات الشرط، ويجوز بعده.
مسألة 139: لا يشترط في الدين المرهون به أن لا يكون به رهن، بل يجوز أن يرهن بالدين الواحد رهنا بعد رهن، ثم هو كما لو رهنهما معا.