والثالث - وهو الأصح عندهم -: أن المتبع رأي من يدعو إلى الإمساك والرجوع بأرش العيب القديم، سواء كان هو البائع أو المشتري؛ لما فيه من تقرير العقد. ولأن الرجوع بأرش العيب القديم يستند إلى أصل العقد؛ لأن قضيته أن لا يستقر الثمن بكماله إلا في مقابلة السليم، وضم أرش العيب الحادث إدخال شيء جديد لم يكن في العقد، فكان الأول أولى.
فعلى هذا لو قال البائع: ترده مع أرش العيب الحادث، فللمشتري الامتناع، ويأخذ أرش العيب القديم. ولو أراد المشتري أن يرده مع أرش العيب الحادث، فللبائع الامتناع، ويغرم أرش القديم (1).
وقال أبو حنيفة والشافعي أيضا: إذا لم يرض البائع برده معيبا، كان للمشتري المطالبة بأرش العيب. وإن رضي برده معيبا، لم يكن للمشتري أرش؛ لأنه عيب حدث في ضمان أحد المتبايعين لا لاستعلام العيب، فأثبت الخيار للآخر، كالعيب الحادث عند البائع (2).
وقال مالك وأحمد: يتخير المشتري بين أن يرده ويدفع أرش العيب الحادث عنده، وبين أن يمسكه ويأخذ أرش العيب الحادث عند البائع (3)؛ لما تقدم.
وقال حماد وأبو ثور: يرده المشتري ويرد معه أرش العيب قياسا على المصراة (4)؛ فإن النبي (عليه السلام) أمر بردها ورد صاع من تمر عوض