ولأن المال لو تلف قبل إمكان الأداء سقطت فدل على أنها لم تجب، وإمكان الأداء شرط في استقرارها، وتلك عبادات أيضا كلف فعلها ببدنه، فإذا تعذر لم تجب، وهنا عبادة مالية يمكن مشاركة المساكين في ماله وحصوله قبل أدائه فوجبت.
وأما سقوطها بتلفها: فلأنه أمين لم يوجد من جهته تفريط فلا يضمن كالمودع (1).
ويعارض: بأنه لو أتلف المال بعد الحول لم تسقط عنه عند الشافعي (2)، ولو لم تجب أولا لسقطت كما لو أتلفه قبل الحول، ولأنه لو لم يمكنه الأداء حتى مضى حول آخر لوجبت زكاة حولين ولا يجب فرضان في نصاب واحد في حالة واحدة.
وقول مالك ضعيف، لأنه إسقاط حق وجب في المال وتمكن من أدائه.
مسألة 125: إذا حال الحول ولم يتمكن من الأداء فتلف النصاب سقطت الزكاة - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وحكاه أيضا عن أحمد (3) - لأنها تجب على سبيل المواساة، فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه، ولأنها عبادة يتعلق وجوبها بالمال فإذا تلف قبل إمكان أدائها سقط فرضها كالحج.
ولقول الباقر عليه السلام: " إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سماها