فإن الفقير يستحي منه فلا يماكسه في الثمن، وربما أرخصها له طمعا في أخذ صدقة أخرى منه، وربما علم أنه إن لم يبعه إياها استرجعها منه، أو توهم ذلك، ومثل هذا ينبغي اجتنابه.
وقال ابن عبد البر: كل العلماء يقولون: إذا رجعت إليه بالميراث طابت له، إلا ابن عمر والحسن بن حي (1).
تذنيب: لو دعت الحاجة إلى الشراء، بأن يكون الفرض جزءا من حيوان لا يمكن الفقير الانتفاع بعينه، ولا يجد من يشتريه سوى المالك، ولو اشتراه غيره تضرر المالك بالمشاركة، والفقير بقلة الثمن، زالت الكراهة والتحريم إجماعا، وكذا كل موضع دعت الحاجة إلى البيع.
مسألة 237: قد بينا أنه يجوز الاحتساب من الزكاة في دين على الفقير.
ومنع منه أحمد، قال: ولو دفع إلى المديون الفقير زكاته فردها إليه قضاء عما عليه، جاز له أخذه إلا أن يكون حيلة. قال: فإن استقرض المديون مالا فقضاه ثم رده عليه وحسبه من الزكاة، فإن أراد بهذا إحياء ماله، لم يجز (2).
فحصل من كلامه: أن دفع الزكاة إلى الغريم جائز سواء دفعها ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع ما استوفاه إليه، إلا أنه متى قصد بالدفع إحياء ماله أو استيفاء دينه لم يجز، لأن الزكاة لحق الله، فلا يجوز صرفها إلى نفعه، ولا يجوز أن يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه، لأنه مأمور بأدائها، وهذا إسقاط.
والحق ما قلناه من جواز ذلك كله.