ودعوى امكان احراز ذلك فيما إذا كانت الحالة السابقة في المبيع الصحة فاسد، إذ استصحاب الصحة لا يرفع الغرر، فإن الغرر هو الخطر وهو أمر نفساني فلا يرتفع بالاستصحاب كما لا يخفى.
ولكن يمكن الجواب عنه على ما اخترناه في ارتفاع الغرر بالخيار على ما تقدم خلافا للمصنف وجميع من تأخر عنه، حيث ذهبوا إلى أن الخيار من الأحكام الشرعية الثابتة على العقد الصحيح، أي من أحكام العقد الصحيح فلا يرتفع الغرر بذلك، فإن العقد بعد كونه صحيحا لا يعقل أن يكون غرريا لأن غررية العقد توجب بطلانه.
ولكن قد ذكرنا سابقا أن ما لا يرتفع الغرر بالخيار إنما هو الخيار المجعول بجعل الشارع كخياري المجلس والحيوان، وأما الخيار المجعول بجعل المتعاملان فلا شبهة في ارتفاع الغرر به، لأن الغرر على ما عرفت هو بمعنى الخطر، فأي خطر في اقدام الشخص على شراء شئ مع جعل الخيار لنفسه، بأن يشترط كونه على وصف كذا وإذا ظهر على الوصف فهو وإلا فله الخيار، فلا يكون المشتري بعد هذا الاشتراط الذي لازمه جعل الخيار في خطر أصلا، ولا يتوجه عليه محذور كما هو واضح.
وعلى هذا المسلك يسهل لنا دفع الاشكال المتوجه على البيوع المتعارفة أعني اشكال غرريتها، نعم يصعب على مثل الشيخ (رحمه الله) دفع ذلك كما عرفت.
وتوضيح ذلك: أن المتبايعين حين الاقدام على المعاملة قد اشترط كل منهما على الآخر بحسب ارتكازهما كون العوض سالما عن العيوب، كما اشترط كل منهما كون كل من الثمن والمثمن مساويا للآخر كما تقدم، وإذا تخلف هذا الشرط كان للمشروط له خيار تخلف الشرط.