ولكن يرد عليه أنه لا دليل على أصالة السلامة في الأمتعة بوجه حتى يمكن الاستناد إليه في ذلك، وتوهم استصحاب الصحة إذا كانت أمرا وجوديا فاسد، لأن عدم الصحة أيضا أمرا وجودي، والتقابل بينهما هو العدم والملكة، فلا يجري الاستصحاب في طرف واحد، نعم الأصل الأولى في الأشياء مع قطع النظر عن جميع الطواري هو أن يكون سالما في العيوب، كما أن الأصل في جميع الأجسام أن يكون كرويا مع قطع النظر عن الزواجر والقواسر الخارجية، فإن نسبة الهواء إليها على حد سواء، ومع ذلك فالغالب في الأشياء هو عدم الكروية، وقد عرفت ذلك في أول الخيارات.
وفي المقام أيضا نقول إن الأصل في الأشياء وإن كان هو الصحة والسلامة، ولكن مع ذلك أن الغالب فيها غير الصحة، لأنا نشاهد بالوجدان ونري بالعيان أن أغلب الأشياء معيوب وسقيم وغير صحيح، وعلى هذا فكيف يحرز بأصالة الصحة أن المبيع سالم عن العيب وليس بغرري وخطري، ومع كون أغلب الأشياء صحيحة وغير معيبة فأيضا لا يمكن رفع الغرر عن البيع بذلك، لأن هذا لا دليل على اعتباره إلا من باب أنه يفيد الظن، ولو من باب أن الظن يلحق الشئ بالأعم الأغلب، ومن الواضح أنه لا يغني من الحق شيئا.
ويبقى دعوى الاجماع على صحة البيع في المقام بأن يقال: إن الاجماع قد قام على صحة البيع في المقام بغير اشتراط فيكون ذلك مخصصا للنهي عن بيع الغرر، بمعنى أن البيع الغرري باطل إلا فيما تعامل المتعاملان على المبيع بغير الوصف الصحة، فإذا ظهر فيه عيب ثبت خيار العيب للطرف ولكن ثبوت الاجماع التعبدي على ذلك بعيد جدا، والحكم بفساد هذه البيوع الواقعة على الأشياء بغير علم بجميع أوصافها أبعد، فتصبح أن المسألة تكون مورد اشكال قوي.