فنقول: إن كان معنى الضمان هنا عبارة عن كون مثل التالف أو قيمته ثابتا على عهدة البايع الذي ليس له خيار، فالاستصحاب تنجيزي كما التزم به شيخنا الأستاذ، مع كون مبناه أن الضمان بمعنى انفساخ العقد الذي مقتضاه أن يقول بكون الاستصحاب تعليقيا الذي لا يقول بحجيته، بداهة أن ضمان الثمن كان على المشتري قبل الاقباض وعهدته عليه وثبوت المثل أو القيمة على تقدير التلف من أحكام ذلك ومن آثار ثبوت العهدة على المشتري، لا أن معنى الضمان عبارة عن التعهد بالمثل أو القيمة على تقدير التلف، لكي يقال إن الاستصحاب تعليقي بمعنى أنه لو تلف كان مثله أو قيمته على المشتري، فإن هذا الحكم كان ثابتا قبل القبض فنستصحب بعد القبض أيضا.
وعلى هذا فالاستصحاب تنجيزي ولكنه لا يجري في المقام لأنه من القسم الثالث للاستصحاب الكلي، لأن ثبوت العهدة على المشتري قبل الاقباض موجود حيث لم يقبض الثمن، وأما بعده فنشك في حدوث سبب آخر للضمان وفرد آخر يوجب ثبوت العهدة على المشتري مقارنا لذهاب الفرد الأول من سبب الضمان وهو كون المال تحت يده قبل القبض فلا يجري الاستصحاب في ذلك.
وبعبارة أخرى أن الضمان قبل القبض إنما هو من جهة الشرط الضمني فيرتفع موضوعه بالتسليم وثبوته بعده إنما هو سبب آخر مشكوك الحدوث، فالمستصحب داخل في القسم الثالث من استصحاب الكلي فلا يجري الاستصحاب في مثل ذلك.
وأما إذا كان الضمان هنا بمعنى انفساخ العقد كما عليه المصنف وأن المبيع أو الثمن يدخل في ملك الضامن آنا ما فيتلف من ملكه فيكون الاستصحاب تعليقيا، لأن الانفساخ إنما يثبت ويتحقق بعد التلف