أقول: إن المراد من الضمان هنا ليس ما هو المراد في باب الضمان، أي الضمان على دين أحد ونحوه، فإنه بمعنى نقل الدين على ذمة الضامن، أو ضم الذمة إلى الذمة كما عليه العامة، بل المراد من الضمان هنا هو أن يشغل الضامن ذمته بالعين على تقدير تلفها، فيكون المراد منه الضمان بالعين على تقدير التلف.
وسبب هذا الضمان أي ضمان العين أمران: أما اتلاف العين التي هي ملك للغير، فيكون المتلف ضامنا لها بمقتضى: من أتلف مال الغير وهو له ضامن، وأما بدليل: على اليد ما أخذت حتى تؤدي، ولو بضميمة بناء العقلاء عليه، وليس هنا سبب ثالث لهذا الضمان، وعليه فاشتراط ضمان العين في ضمن عقد من العقود مخالف لما هو ضروري في الشرعية، أعني عدم كون غير الاتلاف سببا للضمان فيكون شرطا مخالفا لما كتبه الله على عباده وبينه بلسان سفرائه، إلا أن يكون هنا مخصص في مورد بحيث ورد دليل خاص على أن الاشتراط في ضمن العقد الفلاني يكون موجبا للضمان أيضا.
لا يقال: إن دليل وجوب الوفاء بالشرط يدل على أن الشرط أيضا من أسباب الضمان.
وفيه أنه ليس بمشرع حتى يدل على ذلك، فإنه إنما يشمل الموارد التي كان للشخص جعل ذلك في طبعه على نفسه، أي يكون سائغا في نفسه، ويكون دليل الوفاء بالشرط دالا على الالزام، ولم يثبت في الشريعة أن يضمن أحد ما أتلفه شخص آخر.
وعدم ثبوت المانع عنه لا يكفي بل لا بد وأن يثبت له حق على ذلك، كما جاز له أن يعطي قيمة العين مع التلف قبل الشرط فيجوز شرطه أيضا، فافهم.