على أنا لو أخذنا بها وقلنا بأن اشتراط خلاف المباح لا ينفذ لم يبق مورد للأخبار الدالة على وجوب الوفاء بالشرط، فإن أي مورد نفرضه لا بد وأن فيه حكم من الأحكام، إذ لا يوجد شئ إلا وفيه حكم الله نافذ تشريعا وتكوينا.
وإذا فلا دلالة في شئ من هاتين الروايتين على عدم نفوذ الشرط في المباحات، فلا بد من الرجوع إلى بقية الروايات الذي يستفاد منها، كقوله (عليه السلام): كل شرط نافذ إلا ما خالف الكتاب (1) أو كان سوى كتاب الله (2)، أو غير ذلك من المضامين المختلفة.
والذي يستفاد من ذلك مع ملاحظة ما دل على وجوب الوفاء بالشرط أن أي فعل كان المكلف فيه مطلق العنان ولم يكن فيه إلزام من الفعل والترك، وإنما تعلق الالزام به من ناحية الالتزام الشرطي لا بد من الوفاء به، ولا يكون مخالفا للكتاب والسنة أصلا، لعدم تعلق شرط به من ناحية الشارع حتى يجب الوفاء به، ويكون وجوب الوفاء بالشرط مناقضا له، وإلا بأن يكون الالتزام الشرطي مسبوقا بالالتزام الآخر الشرعي بحيث يجب أن يعمل على طبق ذلك الالتزام السابق لكونه ملزما وباعثا للعبد نحو الفعل، لا بد من العمل به، ولا يكون شرط المخالف سابقا ومقدما