ولا يتوهم فساد صلاة بعض هؤلاء الخارجين عن المحاذاة بحصول الفصل بينهم وبين الصف المتقدم عليهم بما لا يتخطى، لما عرفت من أن المعتبر مراعاة ذلك بين مجموعي الصفين، لأن الصف اسم للمجموع، ومعلوم أن هذا الصف ليس بعيدا عن الصف المتقدم بما لا يتخطى وإن كان بعض أجزائه بعيدا بهذا المقدار أو أضعافه.
نعم، المعتبر في مسألة اشتراط عدم الحيلولة مراعاتها بين كل واحد من أهل الصف المتأخر وبين بعض الصف المتقدم لا بين المجموعين، وهذا بقرينة الاستثناء في قوله: " إلا من كان حيال الباب " (1)، يعني أن صلاة من كان من هذا الصف - الذي بينهم وبين من تقدمهم ستر أو جدار - واقفا حيال الباب صحيحة، لأنه يرى بعض أهل الصف المتقدم عليه، وصلاة من عداه فاسدة، لأنه لا يرى أحدا من أهل الصف المتقدم عليه.
فحكمه عليه السلام بصحة صلاة الواقف مع أنه لا يرى إلا بعض أهل الصف المتقدم دليل على كفاية ذلك. وحكمه بفساد صلاة من عداه من أهل صفه - مع أنه لا يصدق على مجموع الصف أن بينه وبين الصف المتقدم سترة - دليل على اعتبار المشاهدة للمتقدم في حق كل واحد من أهل الصف المتأخر.
نعم، من فسر الموصول في قوله: " من كان " بالصف المنعقد حيال الباب، وجعل الحصر إضافيا بالنسبة إلى المنعقد عن جنبيه - كما عرفت ضعفه سابقا - جعل مسألة الحيلولة بين المتقدم والمتأخر كمسألة البعد بينهما في أنها لا تبطل القدوة إلا إذا ثبت بين مجموعي الصفين، ولعل هذا من مؤيدات هذا التفسير، إلا أن الظاهر من الموصول ما اخترناه، مع أن العمل به أوفق بالاحتياط.