لا يستلزم سقوط الحقين الآخرين، ومن هنا قالوا: إن اسقاط الشرط في العتق لا يوجب السقوط هذا.
ولا يخفى أن كون العتق حقا لله وللعبد مما لا يرجع إلى محصل، كما ذكره المصنف، لأنه أريد من كونه حقا لله تعالى أنه أمر محبوب قد ذهب إليه الشرع، فهو وإن كان كذلك إلا أنه لا يستلزم الحق ولا وجوب الوفاء عليه، لأنه أمر استحبابي، وإلا محبوبية العتق لله لا يختص بصورة الاشتراط فقط لأنه محبوب على كل حال، ولازمه وجوب العتق ولو مع عدم الاشتراط وهو مقطوع العدم، لأنه مستحب لا وجوب له فضلا عن أن يكون حقا.
وإن أريد من كونه حقا لله أنه أمر بالوفاء به على تقدير شرطه، لأنه حق لشارط حينئذ، وهو أيضا صحيح إلا أنه مشترك بين شرط العتق وغيره من الشروط، فماذا وجه عدم سقوط شرط العتق دون غيره.
وأما أنه حق للعبد، ففيه أن اشتراط العتق لا يوجب حقا للعبد على المشروط عليه، وليس له المطالبة بذلك أبدا، كما ذكرنا نظيره في النذر، لأنه إذا نذر شيئا على الفقراء أو غيرهم فليس للفقراء مطالبة الناذر بالوفاء بالنذر.
وإن أريد من ذلك أن العبد ينتفع بعتقه وإليه يرجع نفعه، ففيه أن رجوع المنفعة إليه لا يوجب الاستحقاق، إذ هو نظير ما إذا اشترط في ضمن العقد أن يهب لثالث مالا أو يبيعه منه بالعتق من ثمنه، فإنهما يوجبان رجوع النفع إلى الثالث إلا أنه لا يوجب الاستحقاق.
وعليه فالصحيح أنه لا فرق بين شرط العتق وشرط غيره في سقوطه بالاسقاط.