ولو لم ينكر البايع العيب الواقعي ولا يقول بأن المبيع ليس بمعيوب واقعا، بأن ينفي البايع العلم على كون المبيع معيوبا ويقول: لا أدري، فهل يتوجه عليه الحلف حينئذ، وإذا حلف فهل ينحسم النزاع بذلك الحلف واقعا أيضا مثل الأول أو لا، هذه جهة من الكلام في صورة نفي العلم بالعيب. والجهة الثانية أنه إذا لم يكن حلفه هذه موجبا لحسم النزاع واقعا واسقاطه، فهل يكون موجبا لحسم النزاع ظاهرا أم لا؟
أما الجهة الأولى، فلا شبهة أن الحلف على نفي العلم بالعيب لا يوجب اسقاط النزاع واقعا، بحيث لا يكون للمشتري حق أخذ الأرش من البايع حتى مع العلم بكذبه.
والسر في ذلك أن ما يدعيه المشتري غير ما ينكره البايع، فإن المشتري يدعي أن المبيع معيوب في الواقع والبايع لا ينكره، بل ينكر العلم ويقول: إني قد اعتمدت في البيع على أصالة السلامة أو الاستصحاب أو باخبار شخص آخر بالصحة ونحو ذلك، وليس له أن يقال بحجية الاستصحاب فنعمل بمقتضيه.
والوجه في ذلك أن الاستصحاب ليس ناظرا إلى الواقع بل هو يبين وظيفة المكلف في الظاهر، فيعمل بمقتضاه في الظاهر دون الواقع، بخلاف الأمارات، والمشتري أيضا لا يدعي أن البايع يعلم كون المبيع معيوبا في الواقع.
وعلى هذا فلا يكون حلف البايع على عدم علمه بالعيب موجبا لاسقاط دعوى المشتري، وعليه فلو علم بالعيب واقعا جاز له أخذ الأرش تقاصا من البايع، وبعد ما أقامت بينة جاز له أخذ الأرش أو الثمن على تقدير الفسخ من البايع، إذا كان من الأول مخيرا بين الفسخ والأرش، وإلا فأحدهما على سبيل مانعة الجمع.