وأما الإثم في التعدي من جهة عدم مشروعية الفعل المتعدى فيه، فهو أمر تابع للوجوب الشرطي، ولا يحصل إلا بعد الحكم ببطلان ذلك، المستلزم لبطلان الكل، لنقص الجزء إن اقتصر عليه، ولزيادته لو أعيد.
وأما الحكم بالإثم ابتداء من دون الشرطية - حتى يستلزم البطلان من جهة حرمة الفعل أو من جهة عدم الأمر - فهو لم يقم عليه دليل واضح، نعم ظاهر عبارة الذكرى نسبته إلى المتأخرين، بل ظاهر كلامه قبل هذه النسبة اتفاق الكل عليه حيث قال: إن المأموم إذا ركع قبل الإمام وبعد تمام القراءة أثم، وفي بطلان الصلاة قولان (1)، فإن ظاهر هذا الكلام أنه لا خلاف في الإثم وأن الخلاف منحصر في البطلان، وفي المدارك (2) التصريح بالإجماع على الإثم.
وكيف كان، فمستند المذهب المشهور - فيما ذهبوا إليه من صحة الصلاة والاقتداء - ما ذكره في الذكرى من الأصل (3)، ولعله أراد أصالة بقاء صحتهما، مضافا إلى جميع الأخبار (4) الواردة في مسألة تقدم المأموم المتفقة في الدلالة على عدم فساد الصلاة والجماعة.
إلا أن يقال: بعدم دلالة الأخبار على الصحة مع التقدم عمدا، كما ستعرف.
ويظهر من عبائر المعتبر (5) عدم الخلاف في الصحة، لأنه لم يذكر