متأخر عنها أيضا، وبعد التنزل فالقرينة هنا قائمة على خلاف الظاهر كما في قوله: ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ﴾ (١)، و ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا﴾ (٢)، وقوله: ﴿أهلكناها فجاءها بأسنا﴾ (3).
هذا كله، مضافا إلى ما سيأتي من أن تكبير المأموم لا بد وأن يكون متأخرا عن الإمام عند المشهور، فتعين إرادة التأخر من قوله: " فإذا كبر فكبروا " ويتعين حينئذ إرادة ذلك أيضا من الفقرتين الأخيرتين، إما لوحدة السياق وقبح إرادة التفكيك من غير قرينة، وإما لأن الحكم بالتأخر في التكبير فرعه صلى الله عليه وآله وسلم على وجوب الائتمام، فيحكم به في غير التكبير أيضا مما ذكر في الرواية ومما لم يذكر، سواء في ذلك الأفعال والأقوال إلا ما خرج بالدليل، فتصير الرواية حينئذ قاعدة في وجوب تأخر أفعال المأموم وأقواله عن الإمام، كما لا يخفى على من لاحظ مؤدى تفريع التأخير في التكبير على الائتمام.
اللهم إلا أن يقال: إن الرواية مسوقة لبيان عدم جواز التقدم، فيكون المقصود أن لا يكبر قبل تكبيره ولا يركع قبل ركوعه ولا يسجد قبل سجوده، والتعبير عن مثل هذا بهذا إنما هو من جهة أن مراعاة عدم التقدم الواجب لا يحصل غالبا إلا بالتأخر.
يدل على ذلك تفريع هذه الأحكام على الائتمام الذي قد عرفت أنه يحصل عرفا بمجرد البناء على ربط فعله بفعل غيره بحيث لا يسبقه في الفعل