اليه الشهوة. وقال لصاحب الزمام أنت مستودع سري وذو أزمة أمري.
وبمكان من رأيي فأمت بالكتمان سري، وتحمل ثقل محالفتي، ولا تأخذك بأحد رأفة في حظي.
وقال حكيم الفرس أذرياذ: أمور الدنيا مقسومة على خمسة وعشرين سهما، خمسة منها بالقضاء والقدر، وخمسة منها بالاجتهاد والعمل، وخمسة منها بالعادة، وخمسة منها بالجوهر وخمسة منها بالوراثة. فاما الخمسة التي بالقضاء والقدر: فالأهل والولد والمال والسلطان والعمر، وأما الخمسة التي بالاجتهاد: فالعلوم وأشرفها العلم بالله عز وجل وجوده ثم العمارة، ثم الصناعات وأشرفها الكتابة، ثم الفروسية والفقه، وأما الخمسة التي بالعادة: فالأكل والنوم والمشي والجماع والتغوط، وأما الخمسة التي بالجوهر: فالخيرية والتواصل والسخاء والثقة والاستقامة وأما الخمسة التي بالوراثة: فالذهن والحفظ والشجاعة والجمال والبهاء وقال أيضا التأني فيما لا يخاف عليه الفوت أفضل من العجلة إلى ادراك الأمل.
قد قيل: لكل شئ داعية وسبب، فسبب طيب العيش مداراة الناس، وسبب مداراة الناس وفور العقل، وسبب المزيد الشكر، وسبب زوال النعمة البطر، وسبب العفة غض البصر، وسبب النشب الطلب، وسبب العطب الغضب، وسبب الزينة الأدب، وسبب الفجور الخلوة، وسبب البغضة الحدة، و سبب المقت الخلف، وسبب الهوان الطمع، وسبب المحبة الهدية، وسبب المودة والاخوة البشاشة والبشر، وسبب القطيعة كثرة المعاتبة، وسبب الفقر السرف، وسبب الثروة حسن التدبير، وسبب البلاء المراء، وسبب الثناء السخاء، وسبب النجاة الصدق، وسبب النجاح الرفق، وسبب الحرمان الكسل، وسبب النيل يذل المرزأة، وسبب البغضة الصلف، وسيب الخير كله ما قيل ولم يقل العقل. وقال لا تستهن بالمال وتثميره، فان المال آلة للمكارم، وعون على الدهر، وقوة على الدين، ومتألف للاخوان، وفقد المال معه قلة الاكتراث من الناس ويتبعه قلة الرغبة اليه والرهبة منه، ومن لم يكن بموضع رغبة ولا رغبة استخف به الناس.
وصية أخرى كن صدوقا لتؤمن على ما تقول، وكن ذا عهد ليوفى بعهدك، وكن شكورا لتستوجب الزيادة، وكن جوادا لتكون للخير اهلا، وكن رحيما بالمضرورين لئلا تبتلى بالضر. وكن ودودا لئلا تكون معدنا لأخلاق الشياطين، وكن مقبلا على شانك لئلا تؤخذ بما لم تجترم وكن متواضعا ليفرح لك بالخير، وكن قانعا لتقر عينك بما أوتيت، وسن للناس الخير لئلا يؤذيك الحسد، أحسن تقدير معاشك ومعادك تقديرا لا يفسد عليك أحدهما الآخر فان أعياك ذلك فارفض الأدنى وآثر الأعظم، أفضل البر ثلاث خصال: الصدق في الغضب، والجود في العسرة، والعفو في القدرة، وقر من فوقك، ولن لمن دونك، وأحسن مواتاة أكفائك خمسة مفرطون في خمسة أشياء وكلهم متندمون ابدا الواهن المفرط إذا فاته العمل، والمنقطع من اخوانه وأصدقائه إذا نابتهم النوائب، والمستمكن منه عدوه لسوء رأيه إذا ذكر حقده، والمفارق الزوجة الصالحة إذا ابتلي بالطالحة، والجرئ على الذنوب إذا حضره الموت أمور لا تصلح الا بقرائنها لا ينفع العقل بغير ورع، ولا شدة البطش بغير شدة القلب، ولا الجمال بغير حلاوة، ولا الحسب بغير أدب، ولا السرور بغير امن، ولا الغنى بغير جود، ولا العلم بغير عمل، ولا المروءة بغير تواضع، ولا الخفض بغير كفاية ولا الاجتهاد بغير توفيق أمور تبع لأمور فالمروءات كلها تبع للعقل، والرأي تبع للتجربة، والغبطة تبع لحسن الثناء، والقرابة تبع للمودة، والعمل تبع للقدر، والإنفاق تبع للجدة، لا تفرح بالبطالة وان كان فيها راحة، ولا تجبن من العمل وان كان فيه تعب لا يوجد الفخور محمودا، ولا الغضوب مسرورا، ولا الحر حريصا، ولا الكريم حسودا، ولا الشره غنيا، ولا الملول ذا اخوان. الكريم يمنح أخاه مودته عن لقاة واحدة، أو معرفة يوم، واللئيم لا يواصل أحدا الا رغبة أو رهبة. خمسة أشياء لا بقاء لها ولا ثبات ظل الغمام، وخلة الأشرار، وعشق النساء. والثناء الكاذب، والمال الكثير. ليس يفرح العاقل بالمال الكثير ولا يحزن لقلته، ولكن ماله عقله، وما قدم من صالح عمله. ربما كان الفقر نوعا من آداب الله تعالى وخيرة في العواقب، والحظوظ لها أوقات، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، فإنك تنالها في أوانها عذبة، والمدبر لك أعلم بالوقت التي تصلح فيه لما تؤمل، فتثق بخبرته في أمورك، ولا تعجل حوائجك طول عمرك في يومك الذي أنت فيه: فيضيق عليك قلبك، ويثقلك القنوط.
حكم للهند اثنان من الناس ينبغي ان يتباعد منهما، أحدهما: الذي يقول لا ثواب ولا عقاب ولا معاد ولا بر ولا اثم، والآخر: الذي لا يملك شهوته ولا يستطيع ان يصرف قلبه وبصره عن شهوة ما ليس له فيرتكب الاثم، ويقوده الحرص إلى الخزي والندامة في الدنيا مع المصير إلى الجحيم والعذاب الأليم في الآخرة ثلاثة لا يلبث ودهم ان يتصرم الصديق الذي لا يقوم نحو صديقه عند النوائب، ويطيل غيبته عنه، ويتوانى عن زيارته ولا يكاد يصير اليه الا على كره، فإذا صار اليه ما رآه في كل ما نطق به والمداخل لأصدقائه في النعم والفرح حتى إذا نابتهم نائبة قطعهم، والرجل يريدك لامر حتى إذا وصل اليه استغنى عنك فزال وده بزواله أربعة لا ينبغي لهم ان يحزنوا العاقل الذي يرميه الجاهل بما يكره ولا حقيقة له، والرجل الرغيب النطق إذا كان غنيا كثير المال، والرجل المقتصد الذي لا عيال له، والعالم الذي لا يحتاج إلى السعي في الازدياد أربعة لا ينبغي ان يمازحوا ولا يضاحكوا الرجل العظيم الشأن الجبار، والعالم الناسك، والدنئ الطبع اللئيم، والحزين الثاكل. أربعة يفسدون اعمالهم وحكمتهم عامل الحسنات الذي ينشرها للناس فيقول فعلت وفعلت كأنه يمنن بها، وواضع المعروف عند السفل المصطنع من لا يستأهل الصنيعة، والمكرم للعبد المتواني الفظ الذي لا رحمة له، والأم التي تصنع الخير بولد السوء. سبعة لا ينامون الذي يهم بدم يسفكه، وذو المال الكثير الحريص الخائف عليه، والمديون الفقير، والمأخوذ بما لا يقدر عليه، والمريض المدنف الذي لا طبيب له، وصاحب الزوجة الفاسدة، والجار السوء الحاسد لجاره، والمفارق الألف الذي كان أحب الخلق اليه ستة لا تخطئهم الكآبة فقير قريب عهد بالغنى، ومكثر يخاف على ماله، وطالب مرتبة فوق قدره، وحسود على رزق غيره، وحقود على من لا ينتصر منه. أربعة أشياء تعين على العمل الصحة والغنى والعلم والتوفيق وقال آخر أحق الناس ان يحذر: العدو الفاجر، والصديق الغادر، والسلطان الجائر.