البيت. لا تطلبوا المال البيت. يأتي الفتى البيت. ومن تعود البيت.
قال وكتب إلى أبي العلاء بن حسول قصيدة منها:
ولقد نفضت بهذه الدنيا * يدي وحسمت دائي ماذا يغرني الزمان * وقد قضيت به قضائي أو بعد ما استوفيت عمري * واطلعت على فنائي اصطاد بالدنيا وينصب * لي بها شرك الرجاء هيهات قد أفضيت من * صبح الحياة إلى المساء وبلغت من سفري إلى * أقصاه مذموم العناء قال وله من قصيدة في أبي العباس الضبي يهجوه كأنها قول ابن الرومي:
ما كان أغنى أبا العباس عن شره * إلى لحوم سباع كن في الاجم يسترجع القوت أمضاه سواه لنا * لوما ويبذله للشاء والنعم صبرت حولا على مكروه نقمته * فليصبر الآن لي حولا على النقم سيعلم الوغد ان لم تؤت فطنته * من كثرة الهم أو من قلة الفهم اني لألقاه مما استعد له * بكل عجراء لكن ليس من سلم إذا خبطت بها عرض امرئ لحجت * في سمعه يده شوقا إلى الصمم إذا أضجعت اتاني الشعر يقدح لي * من ناره واتاني الليل بالفحم وصانع الشعر لا يرضى سبيلته * حتى يفرغها في قالب الحكم يصب في مسمعيه ما أذيب له * كالقطر أفرغه الباني على الردم اني وإن كنت لا ارضى الخنى لفمي * ولا أحط لقول فاحش هممي ليستريح إلي القول أحوجه * حر السكوت إلى الترويح بالنسم ان القوافي كفتني نظم أنفسها * فهن ينظمن لي من كل منتظم تدنو شواردها حتى يغص لها * ذهني فانفضها منه على قلمي خذها إليك أبا العباس جامعة * شنعاء توقد نار الهجر في علم لقيتني بوقار العلم محتشما * وهجتني فالق جهلي غير محتشم وأورد الثعالبي له أيضا أبياتا من قصيدة في هجاء الصاحب بعد موته بزمان أفحش فيها فنزهنا عنها كتابنا، كما أننا أسقطنا من هذه الأبيات التي فيها فحش وما أكثر المجون والفحش في ذلك الزمان، عفا الله عنا وعنهم بكرمه. وليت شعري من كانت له تلك المواعظ والنصائح والوصايا السابقة كيف لا يردعه ذلك عن هجو مثل الصاحب بعد موته.
استدراك أخطاء وقعت في هذه الترجمة قلنا إنه كتب على نسخة المختصر ما صورته: نتف وآداب انتخبت من كتاب جاويدان خرذ الذي ألفه أحمد بن محمد مسكويه الخ وهذا كتب في أول النسخة بعد البسملة كما نقلناه فيما مر، وفاتنا أن نذكر أنه كتب على ظهر النسخة ما صورته: مختصر من كتاب جاويدان خرذ في حكم الفرس والهند والروم والعرب تأليف مسكويه انتهى وهو صريح في أن مسكويه لقب أحمد بن محمد نفسه.
494: الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف بن صالح الخطي أصلا البحراني منشا وتحصيلا أستاذ الشيخ سليمان الماحوزي صاحب البلغة، وتلميذ المجلسي توفي في مشهد الكاظمين ع زائرا سنة 1102 وتوفي معه أخواه الشيخ يوسف والشيخ حسين وجماعة من رفقائه بالطاعون ودفنوا في جوار الكاظمين ع وذلك في حياة أبيهم، وتوفي أبوهم بسنة 1103 في قرية مقابا مسكنه، كذا في لؤلؤتي البحرين وما في كشكول البحراني من أن وفاة المترجم سنة 1152 الظاهر أنه غلط من الناسخ أراد أن يضع صفرا فوضع بدله خمسة، وقيل توفي سنة 1103 وهو اشتباه بسنة وفاة أبيه.
والخطي بكسر الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة نسبة إلى خط قرية باليمامة يقال لها خط هجر تنسب إليها الرماح الخطية. وهجر مدينة كبيرة هي قاعدة بلاد البحرين فيها النخل والرمان والأترج والقطن، وفيها ضرب المثل المشهور كناقل التمر إلى هجر والبحراني نسبة إلى البحرين على غير قياس وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان، وبها مغاص اللؤلؤ ولؤلؤها أحسن الأنواع.
والمقابي نسبة إلى مقابا قرية بالبحرين، وأهل البحرين قديمون في التشيع متصلبون في الدين أهل فقر وقناعة، ولشدة صلاحهم قيل في المثل: كما في روضات الجنات للسيد الاصفهاني خرب الله البحرين وعمر أصفهان أي إذا خربت البحرين انتشر أهلها في البلاد فأصلحوا وإذا عمرت أصفهان بقي أهلها فيها فكف فسادهم عن الناس انتهى.
وأهل البحرين معروفون بجودة الجواب يقال إن بغداديا سال زائرا بحرانيا: أيهما أفضل أم المؤمنين أو الزهراء فقال أم المؤمنين قال لما ذا قال لقوله تعالى فضل الله المجاهدين على القاعدين وخرج من البحرين جماعة كثيرون من علماء الشيعة وأفاضلهم قديما وحديثا في كل عصر ويكثر في أهلها مذهب الاخبارية أي من ينكر الاجتهاد ويوجب العمل بالنصوص يوجب الاحتياط في الشبهات الابتدائية التي لم يسبقها علم اجمالي بالتكليف ولا يجوز الرجوع إلى البراءة الأصلية، منسوبون إلى الاخبار لايجابهم العمل بها وعدم تجويزهم الرجوع إلى البراءة الأصلية عند فقد الخبر والنص. ولقولهم بان جميع ما في كتب الاخبار الأربعة يجب العمل به ولا ينظر في صحة سنده وعدمها وغير ذلك. ويقابلهم الأصوليون الذين يرون الرجوع إلى البراءة الأصلية في الشبهات الابتدائية عند فقد النص ولا يوجبون الاحتياط ويرون أن الخبر ينقسم إلى اقسامه المعروفة:
الصحيح والحسن والموثق والضعيف وغيرها سواء في ذلك كتب الاخبار الأربعة وغيرها. وقد ألف الفاضل المعاصر الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني كتابا أسماه أنوار البدرين في علماء الأحساء والقطيف والبحرين وصل الينا منه نسخة الأصل ونقلنا منها في هذا الكتاب بعد ما كنا استنسخنا منه نسخة، وكانت البحرين قديما تابعة لدولة إيران ومن عهد غير بعيد وضعت دولة الإنكليز يدها عليها لموقعها الجغرافي البحري الذي يبذل فيه الإنكليز كل نفيس كما استولت على زنجيار ومضيق جبل طارق وعدن وغيرها، وكان استيلاؤها على البحرين أولا بطريق الاستئجار من إيران ثم صار بطريق الاستئثار. ودولة إيران جعلت تطالبها بها بعد الحرب العامة الأولى، ولكن الحق للسيف وأمراء البحرين عرب سنيون يقال لهم عتوب والرعايا جميعهم شيعة، وبعد احتلال الإنكليز أبقت لهم الامارة الصورية، ولكنها قللت من نفوذهم في الأعصار الأخيرة.