وكيلان والري والعراق وامتلأت منه القلوب وخافه القريب والبعيد وذلك في مدة قصيرة لا تزيد على سنتين.
مراسلته أبا الفوارس شاه شجاع قال هو شاه شجاع بن محمد بن مظفر كان أبوه من أفراد الناس يسكن ضواحي يزد وابرقوه وكان ذا باس شديد فظهر رجل من بني خفاجة يدعى جمال لوك بين يرد وشيزار أفسد في تلك النواحي وأخاف السبيل ولم يقدر عليه أحد فكمن له أبو شجاع وقتله وحمل رأسه إلى السلطان فقربه واقطعه عدة أماكن وكان له من الأولاد شاه مظفر وشاه محمود وشاه شجاع فصار كل منهم ذا كلمة نافذة ثم توفي السلطان ولا ولد له فملك محمد بن مظفر بلاد عراق العجم ثم جرى بين شاه شجاع وأبيه خلاف فقبض على أبيه وسمله واستقل بملك شيراز وعراق العجم فلما صفت لتيمور بلاد خراسان ارسل إلى شاه شجاع كتابا يدعوه فيه إلى طاعته من جملته قوله ان الله سلطني عليكم وعلى الظلمة من الملوك والحكام ونصرني على من خالفني وقد رأيت وسمعت فان أطعتني والا ففي قدومي الخراب والقحط والوباء واثم ذلك عائد عليك فلم يسع شاه شجاع الا اطاعته وزوج ابنته بابن تيمور واستمروا على ذلك إلى أن توفي شاه شجاع ولما حضره الموت قسم البلاد على أولاده فولى ابنه لصلبه زين العابدين شيراز وهي كرسي الملك واقطع أخاه السلطان احمد ولايات كرمان وأعطى ابن أخيه شاه يحيى يزد وابن أخيه شاه منصور أصفهان واسند وصيته بذلك إلى تيمور فلما مات اختلف بنوه فقصد شاه منصور عمه زين العابدين وقبض عليه وسمله واستولى على شيراز فاستاء لذلك تيمور.
قصده خوارزم مرة ثالثة ورابعة واخذها قال ثم إنه توجه بعساكره إلى خوارزم من خراسان على طريق أسترآباد وكان سلطانها حسين الصوفي أيضا غائبا فخرج اليه حسن سوريج المتقدم ذكره وصالحه ولاطفه فرجع عنها وكان لحسن ابن اعتدى على بعض حظايا السلطان وشاع ذلك واغتر أبوه بما له من الخدمات في رد تيمور عن البلد ثلاث مرات فلم يبال بفعل ابنه فلما عاد السلطان قبض على حسن وابنه وقتلهما وأطعم جيفتيهما لأسد عنده ثم لم يلبث حسين الصوفي ان توفي وولي بعده ولده يوسف وكان تيمور قبل ذلك قد صاهرهم وزوج ابنه جهانكير ابنة أحدهم وتدعى خانزاده فولدت له محمد سلطان فجعله تيمور ولي عهده لما رأى من نجابته وقدمه على اعماله لكنه توفي قبله في آق شهر من بلاد الروم كما يأتي ولما سمع تيمور ما جرى على حسن سوريج غضب وقصد خوارزم مرة رابعة فاخذها وقتل سلطانها وولى عليها نائبا من قبله بعد ما خرب منها، وفي البدر الطالع ثم كلف بعمارتها وتشييد ما خرب منها، قال ابن عربشاه وتاريخ خراب خوارزم عذاب كما أن تاريخ خراب دمشق خراب، وفي البدر الطالع وانتظم له ملك ما وراء النهر ونزل إلى بخارى ثم انتقل إلى سمرقند.
مراسلته شاه ولي صاحب مازندران وأمراء تلك البلاد في عجائب المقدور لما توجه تيمور إلى خراسان راسل شاه ولي صاحب مازندران وأمراء تلك البلاد مثل إسكندر الجلابي وارشيوند وإبراهيم القمي وطلبهم إلى الحضور فأجابوه غير شاه ولي فإنه امتنع واجابه بجواب خشن وأرسل شاه ولي إلى شاه شجاع سلطان عراق العجم وكرمان والى السلطان احمد ابن الشيخ أويس سلطان عراق العرب وأذربايجان يخبرهما بما ارسل اليه تيمور وما اجابه به ويقول لهما أنا بمنزلة الثغر لكما فان اخذت اخذتما وان سلمت سلمتما وطلب منهما الاتفاق معه على حرب تيمور فاما شاه شجاع فلم يقبل منه وهادن تيمور واما السلطان احمد فاجابه بأنه غير مكترث بتيمور وان العراق ليست كخرسان فلما أيس شاه ولي من نصرهما عزم على حرب تيمور واستعد للقائه فلما تراءى الجمعان انهزم شاه ولي وتوجه إلى الري وكان أميرها يدعى محمد جوكار وهو مستقل في حكمه الا انه دارى تيمور وهادنه فقتل شاه ولي وأرسل رأسه إلى تيمور، وفي البدر الطالع ثم زحف إلى خراسان وطال تحرشه بها وحروبه لصاحبها شاه ولي إلى أن ملكها عليه سنة 784 ونجا شاه ولي إلى تبريز ملتجئا إلى أحمد بن أويس صاحب العراق وآذربايجان إلى أن زحف عليهم تيمور سنة 788 فهلك شاه ولي في حروبه عليها وملكها تيمور.
ما جرى له مع أبي بكر الشاسباني وعلي الكردي وأمة التركماني في عجائب المقدور يقال إن عسكر تيمور لم يتضرر مع كثرة حروبه الا من هؤلاء الثلاثة اما أبو بكر فهو من قرية من بلاد مازندران تدعى شاسبان كان يضرب به المثل في الشجاعة حتى أن الدابة إذا تأخرت عن الماء أو العلف يقول صاحبها ما لك هل فيه أبو بكر الشاسباني وكان يغير بأصحابه على عسكر تيمور واما علي الكردي فكان أميرا على بلاد الكرد وكان يشن الغارات على عساكر تيمور مدة حياة تيمور وبعدها حتى توفي وأما أمة التركماني فكان من تركمان قراباع وله ابنان وكان يحارب اميران شاه ابن تيمور إلى أن قتل هو وأولاده بدلالة أحد المنتسبين إليهم.
توجه تيمور إلى عراق العجم وحربه مع شاه منصور وقتل شاه منصور قال لما توفي شاه شجاع ووقع النزاع بين أولاده كما مر واستقر امر عراق العجم لشاه منصور ومازندران وتوابعها لتيمور وكان شاه شجاع أوصى تيمور بولده زين العابدين كما تقدم فلما فعل منصور مع زين العابدين ما مر توجه اليه تيمور فاستمد أقاربه فلم يمدوه فسار للقاء تيمور بنحو ألفي فارس بعد ان حصن المدينة وأوصى بحفظها فقال له أعيانها ما تصنع بألفي فارس مع هذه العساكر الجرارة فلم يلتفت إليهم وقيل إن شاه منصور فرق رجاله على قلاعه وعزم ان يغير بمن معه على عساكر تيمور ولا يستقر في مكان ولا يحاربهم في مصاف فبينما هو عند باب المدينة نظرته عجوز فقالت إن هذا اخذ أموالنا وحكم في دمائنا وتركنا أحوج ما نكون اليه فحمي عند ذلك ورجع وعزم على المقاتلة وكان في عسكره أمير خراساني يدعى محمد بن زين الدين هو في الباطن مع تيمور فسار إلى تيمور وتبعه أكثر الجند ولم يبق منهم الا دون الألف واقتتلوا إلى الليل وعمد شاه منصور إلى فرس قوي جفول فشد في ذنبه قدرا من النحاس وأرسله في عسكر تيمور بعد ما هدأ الليل فذعروا وجعل يقتل بعضهم بعضا حتى قيل إنه قتل منهم نحو عشرة آلاف وفي الصباح انتخب شاه منصور من أصحابه نحو خمسمائة وجعل يحمل بهم على عسكر تيمور فينهزمون منه يمنة ويسرة وقصد مكانا فيه تيمور فاختفى منه ولم يزل شاه منصور يقاتل حتى عجز ولم يبق