المشرق ونورهم لان النبي ص قال أيما رجل مات من أصحابي ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة انتهى.
وروى في الطبقات بسنده عن رجل من بكر بن وائل لم يسمه لهم قال كنت مع بريدة الأسلمي بسيجستان فجعلت اعرض بعلي وعثمان وطلحة والزبير لأستخرج رأيه فاستقبل القبلة يستغفر لهم ثم قال لي لا أبا لك أ تراك قاتلي فقلت والله ما أردت قتلك ولكن هذا أردت منك قال قوم سبقت لهم من الله سوابق فان يشأ يغفر لهم بما سبق لهم فعل، وان يشأ يعذبهم بما أحدثوا فعل حسابهم على الله انتهى وروى بسنده في موضع ثالث انه أوصى بريدة الأسلمي ان توضع في قبره جريدتان فكان ان مات بأدنى خراسان، فلم توجد الا في جوالق حمار. وتوفي سنة 63 انتهى.
برير بن خضير الهمداني المشرقي قتل مع الحسين ع بكربلا سنة 61.
برير قال ابن الأثير بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وآخره راء وخضير بالخاء والصاد المعجمتين انتهى وما يوجد في بعض المواضع من أنه يزيد بن حصين فهو تصحيف المشرقي في ابصار العين بنو مشرق بطن من همدان انتهى وفي انساب السمعاني المشرقي هذه النسبة إلى المشرق ضد المغرب وظني انه بطن من همدان ترك الكوفة وقال عبد الله بن أبي حاتم المشرق حي من همذان من اليمن انتهى.
كان برير زاهدا عابدا وقال ابن نما كان أقرأ أهل زمانه انتهى وكان يقال له سيد القراء وفي أمالي الصدوق عن إبراهيم بن عبيد الله بن موسى يونس بن أبي إسحاق السبعي قاضي بلخ قال برير هو خال أبي إسحاق الهمداني السبيعي. وفي أبصار العين كان برير شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن من القراء ومن أصحاب أمير المؤمنين ع وكان من أشراف الكوفة من الهمدانيين قال أهل السير انه لما بلغه خبر الحسين ع سار من الكوفة إلى مكة ليجتمع بالحسين ع فجاء معه حتى استشهد انتهى وفي كتاب لبعض المعاصرين لا يوثق بنقله ان لبرير كتاب القضايا والاحكام يرويه عن أمير المؤمنين وعن الحسن ع قال وكتابه من الأصول المعتبرة عند الأصحاب انتهى ولم أجد ذلك لغيره ولو كان الامر كما قال لكان هذا الكتاب مشتهرا ولذكر برير في كتب الرجال على الأقل مع أنه ليس له ذكر في شئ من كتب الرجال. ولبرير مواقف مشهودة في وقعة كربلاء روى السيد ابن طاوس في كتاب الملهوف ان الحر وأصحابه لما عرضوا للحسين ع ومنعوه من السير وقام الحسين خطيبا في أصحابه قام اليه فيمن قام برير بن خضير فقال والله يا ابن رسول الله لقد من الله بك علينا ان نقاتل بين يديك وتقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة، وروى أبو مخنف فيما حكاه الطبري في تاريخه عن عبد الله بن عاصم عن الضحاك بن عبد الله المشرقي قال لما امسى الحسين وأصحابه ليلة العاشر من المحرم قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون فتمر بنا خيل لهم تحرسنا وان حسينا ليقرأ ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم. فعرفته فقلت لبرير بن خضير تدري من هذا قال لا قلت هذا أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر سمير وكان مضحاكا بطالا بطلا وكان شريفا شجاعا فاتكا وكان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية. فقال له برير بن خضير يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين! فقال هل من أنت؟ قال انا برير بن خضير، قال إنا لله عز علي هلاكك والله، هلكت والله يا برير قال يا أبا حرب هل لك ان تتوب إلى الله من ذنوبك العظام فوالله إنا لنحن الطيبون وإنكم لأنتم الأخبثون قال وأنا على ذلك من الشاهدين قلت ويحك أ فلا ينفعك معرفتك قال جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة الغزي من غز بن وائل ها هو ذا معي قال قبح الله رأيك، على كل حال أنت سفيه ثم انصرف.
وقال أبو مخنف فيما حكاه عنه الطبري حدثني عمرو بن مرة الجملي عن أبي صالح الحنفي عن غلام لعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري قال كنت مع مولاي فلما حضر الناس واقبلوا إلى الحسين امر الحسين بفسطاط فضرب ثم امر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلى بالنورة قال ومولاي عبد الرحمن بن عبد ربه وبرير الهمداني على باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما أيهما يطلي على اثره فجعل برير يهازل عبد الرحمن فقال له عبد الرحمن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له برير والله لقد علم قومي اني ما أحببت الباطل شابا ولا كهلا ولكن والله اني لمستبشر بما نحن لاقون والله ان ما بيننا وبين الحور العين الا ان يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت انهم قد مالوا علينا بأسيافهم فلما فرع الحسين دخلا فاطليا ثم إن الحسين ركب دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه الخبر، وهو صريح في أن ذلك كان يوم العاشر وقد صرح بذلك أيضا ابن الأثير في الكامل، وابن طاوس في كتاب الملهوف فما في أبصار العين انه كان يوم التاسع سهو. وفي البحار عن كتاب المقتل تاليف السيد العالم محمد بن أبي طالب بن أحمد الحسيني الحائري قال ركب أصحاب عمر بن سعد فقرب إلى الحسين فرسه فاستوى عليه وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه وبين يديه برير بن خضير فقال له الحسين كلم القوم فتقدم برير فقال يا قوم اتقوا الله فان ثقل محمد ص قد أصبح بين أظهركم وهؤلاء ذريته وبناته وحرمه فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون ان تصنعوه بهم فقالوا نريد ان نمكن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم فقال لهم برير أ فلا تقبلون منهم ان يرجعوا إلى المكان الذي جاءوا منه ويلكم يا أهل الكوفة أ نسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها يا ويلكم أ دعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم انكم تقتلون أنفسكم دونهم حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات بئس ما خلفتم نبيكم في ذريته ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم يا هذا ما ندري ما تقول فقال برير الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة اللهم إني أبرأ إليك من فعل هؤلاء القوم اللهم ألق بأسهم بينهم حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع برير إلى ورائه انتهى وفي لواعج الأشجان ولا اعلم الآن من اين نقلته انه لما ضيق القوم على الحسين ع حتى نال منه العطش ومن أصحابه قال له برير بن خضير الهمداني يا ابن رسول الله أ تأذن لي ان اخرج إلى القوم فاذن له فخرج إليهم فقال يا معشر الناس! ان الله عز وجل بعث محمدا ص بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه وقد حيل بينه وبين ابنه فقالوا يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله الخبر.