وعلمت أنك واحد * في العالمين خلقت فردا تذر الوعيد نسيئة * كرما وتحبو الوعد نقدا ويفوح خلقك عن عبير * حوله زهر مندى أنا غرسك الزاكي بكفك * مثمرا أدبا وودا فسأملأ الدنيا بما * استمليت من جدواك حمدا هي طاعتي حتى أرى * متبوئا في الترب لحدا تفديك نفسي من عوادي * كل مكروه ومردي وفي معجم الأدباء: حدث أبو الرجاء الضرير الشطرنجي العروضي الشاعر الأهوازي بالأهواز قال: قدم علينا الصاحب بن عباد في السنة التي جاء فيها فخر الدولة ولقيه الناس ومدحه الشعراء فمدحته بقصيدة قلت فيها:
إلى ابن عباد أبي القاسم الصاحب إسماعيل كافي الكفاة فقال: قد كنت والله أشتهي بان تجتمع كنيتي واسمي ولقبي واسم أبي في بيت. فلما انتهيت إلى قولي فيها: ويشرب الجيش هنيئا بها قال يا أبا الرجاء أمسك فأمسكت فقال:
ويشرب الجيش هنيئا بها * من بعد ماء الري ماء الصراة هكذا هو؟ قلت نعم قال أحسنت قلت يا مولاي أحسنت أنت عملت أنا هذا في ليلة وأنت عملته في لحظة.
أهاجيه قال السلامي:
يا ابن عباد بن عباس * بن عبد الله حرها تنكر الجبر وأخرجت * إلى العالم كرها وقال أبو العلاء الأسدي:
إذا رأيت مسجى في مرقعة * يأوي المساجد حر ضره بادي فاعلم بان الفتى المسكين قد قذفت * به الخطوب إلى لؤم ابن عباد وقال ياقوت في معجم الأدباء قال بعض الشعراء في ابن عباد يذم سجعه وخطه وعقله:
متلقب كافي الكفاة وإنما * هو في الحقية كافر الكفار السجع سجع مهوس والخط * خط منقرس والعقل عقل حمار ونحن نستغفر الله من نقل مثل هذا الهجاء في الصاحب فما هو إلا كمثل نقل الكفر وناقله ليس بكافر والصاحب برئ مما قذفه به هذا الشاعر المفتري. وفي نزهة الألباء كان بين الصاحب وبين أبي بكر الخوارزمي شئ فبلغ الصاحب عنه أنه هجاه بقوله:
لا تمدحن ابن عباد وإن هطلت * كفاه بالجود سحا يخجل الديما فإنها خطرات من وساوسه * يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما وظلمه بهذا القول فلما بلغ * الصاحب موت أبي بكر أنشد:
سالت بريدا من خراسان جائيا * أمات خوارزميكم قيل لي نعم فقلت اكتبوا بالجص من فوق قبره * ألا لعن الرحمن من كفر النعم وفي معجم الأدباء عن أبي حيان التوحيدي قال لي الشاباشي وقد خرجنا من مجلس الصاحب كيف رأيت مولانا الصاحب اليوم مع هذا التقرير واظهاره البلاغة الحسنة بين الناس فقلت السكوت عن مثله إحدى الحسنيين وأحرى الحالتين فقال الشاباشي لحى الله دهرا آل بنا اليه وأنزلنا عليه وأنشد يقول:
يا من تبرمت الدنيا بطلعته * كما تبرمت الأجفان بالرمد يمشي على الأرض مجتازا فاحسبه * من بعض طلعته يمشي على كبدي لو كان في الأرض جزء من سماجته * لم يقدم الموت إشفاقا على أحد ما جرى له عام وفاته في اليتيمة: لما بلغت سنوه الستين واعترته آفة الكمال وانتابته أمراض الكبر جعل ينشد:
أناخ الشيب ضيفا لم أرده * ولكن لا أطيق له مردا رداء للردى فيه دليل * تردى من به يوما تردى ولما كنى المنجمون عما يعرض له في سنة موته قال:
يا مالك الأرواح والأجسام * وخالق النجوم والأحكام مدبر الضياء والظلام * لا المشتري أرجوه للأنعام ولا أخاف الضر من بهرام * وإنما النجوم كالاعلام والعلم عند الملك العلام * يا رب فاحفظني من الأسقام ووقني حوادث الأيام * وهجنة الأوزار والآثام هبني لحب المصطفى المعتام * وصنوه وآله الكرام وكتب بخطه على تحويل السنة التي دلت على انقضاء عمره:
أرى سنتي قد ضمنت بعجائب * وربي يكفيني جميع النوائب ويدفع عني ما أخاف بمنه * ويؤمن ما قد خوفوا من عواقب إذا كان من أجرى الكواكب أمره * معيني فما أخشى صروف الكواكب عليك أيا رب السماء توكلي * فحطني من شر الخطوب الحوارب وكم سنة حذرتها فتزحزحت * بخير واقبال وجد مصاحب ومن أضمر اللهم سوءا لمهجتي * فرد عليه الكيد أخيب خائب فلست أريد السوء بالناس انما * أريد بهم خيرا مريع الجوانب وأدفع عن أموالهم ونفوسهم * بجدي وجهدي باذلا للمواهب ومن لم يسعه ذاك مني فإنني * ساكفاه إن الله أغلب غالب ولما اعتل كان أمراء الديلم وكبراء الناس يروحون إلى بابه ويغدون ويخدمون بالدعاء وينصرفون. وبلغه عن بعض أصحابه شماتة فقال:
وكم شامت بي بعد موتي جاهلا * بظلم يسل السيف بعد وفاتي ولو علم المسكين ما ذا يناله * من الظلم بعدي مات قبل مماتي وعاده فخر الدولة عدة مرات فقال لفخر الدولة أول مرة وهو على ياس من نفسه: قد خدمتك أيها الأمير خدمة استفرغت قدر الوسع وسرت في دولتك سيرة جلبت لك حسن الذكر بها فان أجريت الأمور بعدي على نظامها وقررت القواعد على أحكامها نسب ذلك الجميل السابق إليك ونسيت أنا في أثناء ما يثني به عليك الأحدوثة الطيبة لك وإن غيرت ذلك وعدلت عنه كنت أنا المشكور على السيرة السالفة وكنت أنت المذكور