4 المقتبس في الخلاف مع مالك بن أنس 5 النور في عبادة الأيام والشهور، قال ابن أبي طي أظنه قتل عندما ملك الفرنج حيا فإنه كان تحول إليها واتخذ بها دارا للكتب جمع فيها أزيد من أربعة آلاف مجلدة وقيل إنه تحول إلى دمشق ومات بها. وذكره ابن عساكر فقال كان جليل القدر يرجع اليه أهل عقيدته وكان عظيم الصلاة والتهجد لا ينام الا بعض الليل وكان صمته أكثر من كلامه قال ابن حجر قلت لم أر له ذكرا في تاريخ ابن عساكر قلت وانا أيضا لم أر له ذكرا فيه. قال وحكى الراشدي تلميذه قال:
جمع ابن عمار بين أبي الفضل وبين بعض الفقهاء المالكية فناظره في تحريم الفقاع وكان فصيحا فنطق بالحجة فانزعج المالكي وقال له كلني، فقال في الحال ما أنا على مذهبك يريد ان مذهبه جواز اكل الكلب وقال له ابن عمار ما الدليل على حدوث القرآن؟ قال النسخ، والقديم لا يتبدل ولا يدخله زيادة ولا نقص قال ابن حجر: قلت هذا هذيان والنسخ إنما دخل على الحكم فقط وله أشياء من هذا انتهى. أقول شيخه ابن البراج اسمه عبد العزيز بن نحرير من اجلاء علماء الإمامية ولي قضاء طرابلس ثلاثين سنة كما يأتي في ترجمته وكان في عصر بني عمار امراء طرابلس الشام وكانوا شيعة إمامية وتأتي تراجمهم في محالها انش وكان التشيع غالبا في طرابلس ونواحيها. وليس لمصنفاته التي ذكرها ابن أبي طي عين ولا اثر ومكتبته هذه التي كانت تحوي أربعة آلاف مجلدة وقعت بيد الإفرنج ولا بد ان يكون نصيبها التلف. 937:
موفق الدين أبو نصر أسعد بن أبي الفتح الياس بن جرجيس المطران الدمشقي.
ولد بدمشق ونشا بها وتوفي في ربيع الأول سنة 587 بدمشق.
ذكر له ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء ترجمة طويلة قال فيها: هو الحكيم الامام العالم الفاضل كان سيد الحكماء وأوحد العلماء وافر الآلاء جزيل النعماء أمير أهل زمانه في علم صناعة الطب وعملها وأكثرهم تحصيلا لأصولها وجملها جيد المداواة لطيف المداراة عارفا بالعلوم الحكمية متعينا في الفنون الأدبية وكان أبوه أيضا طبيبا متقدما وكان موفق الدين حاد الذهن فصيح اللسان كثير الاشتغال وكان جميل الصورة كثير التخصص محبا للبس الفاخر المثمن وكان يغلب عليه الزهو بنفسه والتكبر حدثني أبو الظاهر إسماعيل انه لم يكن على شئ من ذلك أيام طلبه للعلم فكان إذا فرع من دار السلطان يأتي وحوله كثير من المماليك فإذا قرب من الجامع ترجل وأخذ الكتاب بيده ودخل وحده إلى حلقة الشيخ فسلم عليه وقعد بين يديه وكان كثير المطالعة للكتب لا يفتر عن ذلك في أكثر أوقاته وكان ابدا لا يفارق في كمه مجلدا يطالعه على باب دار السلطان أو أين توجه وكان كثير المروءة كريم النفس ويهب لتلامذته الكتب ويحسن إليهم وإذا جلس أحد منهم لمعالجة المرضى يخلع عليه ولم يزل معتنيا بأمره انتهى.
وفي النجوم الزاهرة: الموفق أسعد بن الياس بن جرجيس المطران الطبيب كان نصرانيا فاسلم على يد السلطان وكان غزير المروءة حسن الاخلاق كريم العشرة.
تشيعه ليس في ترجمته التي في عيون الأنباء على طولها ما يشعر بتشيعه ولكن في النجوم الزاهرة ما يدل على تشيعه وهذا غريب مع كونه في خدمة صلاح الدين واسلم في زمانه قال: وكان يصحبه صبي حسن الصورة اسمه عمر وكان الموفق يحب أهل البيت ويبغض ابن عنين الشاعر لخبث لسانه وكان يحرض السلطان صلاح الدين عليه ويقول له أليس هو القائل:
سلطاننا أعرج وكاتبه أعمش والوزير منحدب فهجاه ابن عنين بقوله:
قالوا الموفق شيعي فقلت لهم * هذا خلاف الذي للناس منه ظهر فكيف يجعل دين الرفض مذهبه * وما دعاه إلى الاسلام غير عمر احسانه إلى أهل صناعة الطب وعطفه عليهم في عيون الأنباء انه كان كثير الاشتمال على أهل هذه الصناعة الطبية والحكمية يقدمهم ويتوسط في ارزاقهم. أخبرني الفقيه إسماعيل بن صالح بن البنا القفطي خطيب عيذاب قال لما فتح صلاح الدين الساحل أتيت لزيارة البيت المقدس فلما حصلت بالشام رأيت جبالا مشجرة بعدة براري عيذاب المصحرة فاشتقت إلى سكنى الشام، وتحيلت في الرزق به فاتيت القاضي الفاضل عبد الرحيم فكتب لي كتابا إلى السلطان بتوليتي خطابة قلعة الكرك فلما اتيت دمشق أشير علي بعرضه على ابن المطران فدخلت عليه باذن فرأيته حسن الخلقة والخلق لطيف الاستماع والجواب ورأيت داره في غاية الحسن والتجمل حتى أن أنابيب الماء فيها من ذهب ورأيت له غلاما يتحجب بين يديه اسمه عمر في غاية جمال الصورة وسألته حاجتي فانعم بانجازها. ولما فتح صلاح الدين الكرك أتى إلى دمشق الحكيم يعقوب بن سقلاب النصراني وهو بزي أطباء الفرنج فقصد ابن المطران لعله ينفعه فأشار عليه ان يغير زيه إلى زي أطباء بلاد الاسلام، وأعطاه ما يلبسه وقال له: ان ها هنا أميرا كبيرا اسمه ميمون القصري وهو مريض وانا أداويه فتعال معي فقال للأمير هذا طبيب فاضل وانا اعتمد عليه فيكون يلزمك إلى أن تبرأ إن شاء الله فلازمه إلى أن برئ فأعطاه خمسمئة دينار فأحضرها إلى ابن المطران فقال له ابن المطران: ما أردت الا نفعك فخذها فاخذها ودعا له.
من مكارم أخلاقه في عيون الأنباء: حدثني الحكيم إبراهيم بن محمد السويدي قال كان ابن المطران جالسا على باب داره فجاءه شاب وأعطاه ورقة فيها اثنا عشر بيتا من الشعر يمدحه بها فقال له أنت شاعر قال لا ولكنني من أهل البيوت وقد ضاقت يدي فقصدتك فادخله داره وقدم له طعاما فاكل وقال له قد مرض عز الدين فرخشاه صاحب صرخد وهذا المرض يعتاده وانا اعرف دواءه وقد رأيت أن أبعثك فتداويه بما أقول لك وأعطاه ثيابا لائقة وفرسا ومائتي درهم وكتب معه إلى فرخشاه فذهب وداواه بما قال له ابن المطران فبرئ واجازه بألف دينار وخلع عليه وطلب منه ان يبقى عنده ويكون طبيبه فقال حتى أشاور شيخي ابن المطران فقال وهل هو الا غلام أخي لا سبيل إلى خروجك فلما ألح عليه احضر الجائزة واخبره بقصته فقال لا عليك تكون حاجبا عندي.
اتصاله بصلاح الدين بن أيوب في عيون الأنباء: انه خدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وحظي في أيامه وكان رفيع المنزلة عنده عظيم الجاه، وكان يتحجب عنده ويقضي أشغال الناس، ونال من جهته من المال مبلغا كثيرا، وكان صلاح الدين كريم النفس كثير العطاء لمن هو في خدمته، وكان له