وجرى امره على السداد ثلاث سنين إلى أن انصرف إلى أصبهان وقبض عليه شرف الدولة وحمله إلى قلعة في بعض نواحي شيراز، ثم مات مؤيد الدولة سنة 373 بعد عضد الدولة وملك بعده اخوه فخر الدولة فشرع أبو عبد الله بن سعدان في اصلاح ما بين صمصام الدولة وعمه فخر الدولة وكاتب الصاحب بن عباد في ذلك وارسل فخر الدولة أبا العلاء بن سهلويه للسفارة واتصلت المكاتبة باظهار المشاركة بين الجندين جند فخر الدولة وابن أخيه صمصام الدولة وتجديد السنة التي كانت بين الاخوة عماد الدولة وركنها ومعزها من الاتفاق والألفة وسدى الصاحب في ذلك قوله وألحم وأسرج فيه عزمه وألجم ومما نطقت به الكتب من المشورة والرأي الحث على استمالة الأمير أبي الحسين أحمد بن عضد الدولة واستخلاص طاعته وان فخر الدولة قد راسله وخاطبه في ذلك بما يجري مجرى التقدمة والتوطئة ومتى أريد التكفل بالتمام فهو على غاية الطاعة، وقد أثبت على الدينار والدرهم اسم فخر الدولة، وكتب من البصرة بإقامة الدعوة كما أقامها بالأهواز، وليس يتجاوز ما ينهج له ولا يتعدى ما يحكم به والصواب طلب التوازر والتعاطف وترك التباين والتخالف. قال ابن الأثير: وفي سنة 473 خطب أبو الحسين أحمد بن عصد الدولة بالأهواز لفخر الدولة وخطب له أبو طاهر فيروز شاه بن عضد الدولة بالبصرة، ونقشا اسمه على السكة انتهى قال أبو شجاع: ثم إن أسفار بن كردويه أحد قواد الديلم عصى على صمصام الدولة وانضم اليه جماعة فأرسل إليهم صمصام الدولة فولاذ بن ماناذر، فهرب أسفار وأبو القاسم عبد العزيز وأصحابهما ومضى إلى الأهواز فتلقاهم الأمير أبو الحسين وأرغبهم في المقام، فاما الأتراك فإنهم أظهروا الموافقة وأسروا غيرها وركبوا غفلة وساروا واقام أسفار بالأهواز مكرما إلى أن اقبل شرف الدولة من فارس فانفذه الأمير أبو الحسين إلى عسكر مكرم لضبطها في خمسمائة رجل من الديلم فلما حصل شرف الدولة بالأهواز سار أسفار اليه فامر بالقبض عليه واما أبو القاسم عبد العزيز فان أبا الفرج منصور بن خسرة تكفل بأمره وأعظم منزلته فجازى أبو القاسم احسانه بسوء النية فيه وحدث نفسه بطلب مكانه فأحس أبو الفرج واستظهر لنفسه بالتوثق من الأمير أبي الحسين ومن والدته باليمين على اقراره في نظره وترك الاستبدال به ولم يزل يتوصل حتى غير نية الأمير أبي الحسين في أبي القاسم وأطرح الرجوع في شئ من الأمور إلى رأيه وجزاء سيئة سيئة مثلها والبادي أظلم. وفي سنة 375 عزم شرف الدولة بن عضد الدولة على المسير من فارس إلى العراق فكتب إلى أخيه الأمير أبي الحسين يعده بالجميل واقراره على ما بيده من الاعمال فلم يثق بقوله واتفق ان والدة أبي الحسين توفيت وهي بنت الملك ماناذر ملك الديلم وكانت تكاتب شرف الدولة وتجامله وشرف الدولة يجلها لبيتها الجليل وإطاعة طوائف الديلم لها فلما توفيت خلا سابور بن كردويه بالأمير أبي الحسين وقال له ان هذه الكتب خديعة ومكر وما لنا لا نحاربه ولنا الكثير من العديد والعدة فعزم على حربه وبلغه وصول شرف الدولة إلى أرجان فبرز الأمير أبو الحسين إلى قنطرة أربق وجعل عسكر أبي الحسين يتسللون إلى شرف الدولة فأشرف أبو الحسين وسابور على الأسر فسار أبو الحسين وبعض خواصه طالبين حضرة فخر الدولة حتى وردوا أصفهان فكتب منها إلى عمه فخر الدولة وهو بجرجان يشكو اليه ويطلب نصره فوعده النصر ولم يف له ووقع له على الناظر بأصفهان بمئة ألف درهم في الشهر وظهر له سوء رأي فخر الدولة فيه وكان اجتمع عنده مدة مقامه بأصفهان قل من الديلم فلما يئس من صلاح حاله أظهر ان بينه وبين شرف الدولة مراسلة بان ينادي بشعار شرف الدولة واستمال قوما من الجند وأراد التغلب على البلد وكان الوالي بها من قبل فخر الدولة أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي فلما علم بذلك قصد دار الأمير أبي الحسين وقبض عليه وصفده وحمله إلى الري فاعتقل بها مدة يسيرة ثم نقل إلى قلعة ببلاد الديلم ولبث فيها عدة سنين، فلما اشتدت بفخر الدولة العلة التي مات فيها أنفذ اليه من قتله انتهى ذيل تجارب الأمم.
210: أحمد بن فهد الحلي يأتي بعنوان أحمد بن محمد بن فهد.
211: الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس بن فهد المقري أو المضري الأحسائي.
طبقته من أهل أوائل المئة التاسعة معاصر لأحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي الآتي ومن غريب الاتفاق انه يقال لكل منهما ابن فهد وهما متعاصران ولكل منهما شرح على الارشاد فشرح ابن فهد الحلي يسمى المقتصر وشرح ابن فهد الأحسائي يسمى خلاصة التنقيح في مذهب الحق الصحيح وكل منهما يروي عن الشيخ أحمد بن المتوج البحراني عن الشيخ فخر الدين ولد العلامة ومن هذه الجهة قد يشتبه الأمر فيهما ولا سيما في شرحيهما على الارشاد ولذلك قال بعضهم عن المترجم انه أحمد بن محمد بن فهد اشتباها بابن فهد الحلي مع أن المنقول عن خط المترجم أحمد بن فهد كما ستعرف وقد حكي ان لابن فهد الأحسائي كتابا في الدعاء سماه عدة الداعي باسم كتاب ابن فهد الحلي فان صح كان من مكملات غريب الاتفاق والقبر الذي في كربلا المشهور انه لابن فهد الحلي ولكن في أنوار البدرين المشتهر انه للأحسائي ثم إن كون كل منهما يروي عن أحمد بن المتوج مبني على ما ذكره غير واحد من أن أحمد بن المتوج رجل واحد ما بناء على ما استظهرناه من أنهما رجلان أحدهما أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج والثاني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن متوج فابن فهد الأحسائي من تلامذة الأول وابن فهد الأسدي الحلي من تلامذة الثاني ولكن على كل حال يقال لكل منهما انه تلميذ ابن المتوج.
أقوال العلماء فيه في رياض العلماء الفاضل العالم من أجلة علماء الإمامية وفقهائهم وفي اللؤلؤة الشيخ النحرير العلامة.
مؤلفاته لم يوجد له غير شرحه على الارشاد المسمى خلاصة التنقيح في اللؤلؤة وقع بيدي جلد من هذا الشرح من كتاب النكاح وفي آخره مكتوب نقلا من خط الشارح ما صورته: وحيث وفق الله تعالى لتكميل مقتضى ما أردناه من شرح الكتاب وتيسر لنا الذي قصدناه من ايضاح الخطاب وأعطانا من فيض رحمته كمال الأمنية وسهل ما ألفناه في الملة الحنيفية فلنحبس خطوات الأقلام ولنقبض عنان الكلام حامدين لربنا على سوابغ النعم ومصلين على سيد العرب والعجم وعلى أهل بيته دعائم الاسلام وسادات الأنام ما كبر الضياء على الظلام وصدحت في أفنانها ورق الحمام ونبتهل إلى من لا تأخذه سنة ولا نوم ان يؤتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. تم