قد اخذ تبريز، ثم حضر قاصد صاحب بسطام فأخبر بان تيمور قد أخذ شيراز ثم حضر قاصد نائب الرحبة وأخبر بان القان أحمد بن أويس صاحب بغداد قد وصل إلى الرحبة هاربا من تيمور وقد ملك غالب بلاده، و كان سبب أخذ تيمور بلاد القان أحمد ابن أويس أن تيمور أرسل إلى القان أحمد كتابا يترفق له فيه ويقول له أنا ما جئتك محاربا وإنما جئتك خاطبا أتزوج بأختك وأزوجك بنتي ففرح القان أحمد بذلك وكان قد استعد لقتال تيمور وجمع له العساكر، فلما أتى قاصد تيمور بهذا الخبر ثنى عزمه عن القتال واستعاد من العسكر ما أعطاهم من آلة القتال فلم يشعر الا وقد دهمته عساكر تيمور من كل مكان، فخرج إليهم القان أحمد بمن بقي معه من العساكر فبينما القان يقاتل عسكر تيمور إذ فتح أهل بغداد بقية أبواب المدينة وقد خافوا على أنفسهم مما جرى عليهم من هولاكو أيام الخليفة المستعصم، فدخل تيمور المدينة وملكها ولم يجد من يرده عنها، وهرب القان أحمد فاتى إلى جسر هناك فعدى من فوقه ثم قطعه، فتبع عسكر تيمور القان أحمد وخاضوا خلفه الماء فهرب منهم وتبعوه مسيرة ثلاثة أيام، ثم حضر قاصد نائب حلب وأخبر أن القان أحمد قد وصل إلى حلب ولما بلغ برقوق سلطان مصر هرب القان أحمد أرسل اليه الإقامات ووجه اليه من يستقبله من الأمراء وليس ذلك حبا بالقان أحمد بل بغضا بتيمور وجاء قاصد من السلطان بايزيد العثماني وعلى يده تقادم عظيمة للسلطان برقوق ويخبره بأمر تيمور ويحذره من الغفلة في أمره، فرسم السلطان للأمير علاء الدين بن الطبلاوي والي القاهرة بالنداء للعسكر بالعرض في الميدان بسبب تيمور وتكررت المناداة ثلاثة أيام بان لا يتأخر عن العرض كبير ولا صغير وعلق الجاليش الاعلام.
فتح تيمور ديار بكر وقلعة تكريت قال ابن عربشاه فوصل إلى ديار بكر واستولى عليها، وعصت عليه قلعة تكريت فحاصرها يوم الثلاثاء 14 ذي الحجة سنة 795 وأخذها بالأمان، ونزل اليه متوليها حسن ابن بولتمور، فيقول ابن عربشاه انه قتله بردم حائط عليه وقتل من بها من الرجال وقال ابن اياس كان تيمور بعد ما استولى على بغداد زحف إلى تكريت وحاصرها أربعين يوما حتى نزلوا على حكمه فقتل من قتل منهم ثم خربها، وانتشرت عساكره في ديار بكر إلى الرها ووقفوا عليها ساعة من نهار فملكوها انتهى وفي عجائب المقدور انه قصد الرها ورام نهبها فخرج اليه رجل من أعيانها اسمه الحاج عثمان بن الشكشك فصانعه عنها بمال فتركها.
ارساله إلى حاكم سيواس وأرسل إلى القاضي برهان الدين أحمد حاكم سيواس وقيصرية وتوقات ان يخطب باسم محمد خان بن سيورغاتمش خان واسم الأمير الكبير تيمور ويضرب السكة باسمه فلم يجبه القاضي بشئ بل قتل بعض رسله وقطع رؤوسهم وعلقها في أعناق من بقي منهم وشهرهم وأرسل قسما منهم إلى السلطان برقوق وقسما إلى السلطان بايزيد العثماني فأرسل اليه بايزيد يشكره على ذلك فلما بلغه ذلك غضب غضبا شديدا وقال ابن خلدون ثم قدم أحمد ابن أويس على السلطان بمصر في شهر ربيع الأول سنة 796 مستصرخا به، فنادى السلطان في عسكره بالتجهيز إلى الشام انتهى وفي عجائب المقدور واستخلف برقوق على القاهرة النائب سودون وارتحل على تعبئة ومعه أحمد بن أويس ودخل دمشق آخر جمادى الأولى وقد كان أوعز إلى جلبان نائب حلب بالخروج إلى الفرات واستنفار العرب والتركمان للإقامة هناك رصدا للعدو فلما وصل دمشق وفد عليه جلبان ثم رجع وبعث برقوق العساكر مددا له وكان تيمور قد شغل بحصار ماردين فأقام عليها أشهرا وملكها وامتنعت عليه قلعتها فارتحل إلى ناحية بلاد الروم ومر بقلاع الأكراد فأغارت عساكره عليها واكتسحت نواحيها، وبرقوق لهذا العهد وهو شعبان سنة 796 مقيم بدمشق وقال ابن اياس ان برقوق وصل دمشق مع القان أحمد بن أويس يوم الاثنين 12 ربيع الآخر فنزل بالقصر الأبلق الذي في الميدان، ثم توجه إلى حلب، فحضر إليه قاصد من السلطان بايزيد بن عثمان بان يكون هو وبرقوق يدا واحدة على دفع تيمور ثم حضر اليه قاصد طقتمش خان صاحب بسطام بمثل ذلك فأجابهما بالقبول وبلغه وهو بحلب أن جاليش عسكر تيمور قد وصل البيرة.
فتحه الموصل ورأس عين قال ابن عربشاه وفي يوم الجمعة 11 صفر سنة 796 أناخ على الموصل واستولى عليها وعلى رأس عين.
فتحه الرها قال ثم تحول إلى الرها ودخلها يوم الأحد 11 ربيع الأول.
فتحه ماردين قال ثم قصد ماردين فوصلها في خمسة أيام من تكريت وبينهما للمجد اثنا عشر يوما، فجاء اليه السلطان الملك الطاهر عيسى صاحب ماردين بعد ما قال لمن بالقلعة اني ذاهب إلى هذا الرجل ومظهر له الطاعة فان طلب القلعة فلا تسلموها واستخلف ابن أخيه الملك الصالح شهاب الدين أحمد ابن الملك السعيد إسكندر ابن الملك الصالح الشهيد ونزل يوم السبت 15 ربيع الأول سنة 796 واجتمع به في 30 منه بمكان يسمى الهلالية فطلب منه تسليم القلعة فقال أمرها بيد أربابها فجاء به إلى القلعة وطلب منهم تسليمها أو يضرب عنقه فأبوا فصالحه على مائة تومان كل تومان ستون ألف درهم وفي 12 جمادى الآخرة يوم الثلاثاء استولى على ماردين صعد عسكره إلى سورها بالسلالم فهرب كثير من أهلها إلى القلعة وقاتله بعضهم واستولى عليها وكتب إلى من بالقلعة يقول نعلم أهل قلعة ماردين والضعفاء والعجزة المساكين إننا قد عفونا عنهم وأعطيناهم الأمان على نفوسهم ودمائهم فليامنوا وليضاعفوا لنا الأدعية ثم ارتحل يوم السبت إلى البشرية.
أخذه آمد قال وأرسل جيشا إلى آمد مع قائد يدعى السلطان محمود فحاصرها خمسة أيام وأرسل يستمده فحضر إليها بنفسه فطلبوا الأمان فامن البواب فدخل من باب التل ووضع في أهلها السيف والتجأ بعضهم إلى الجامع فقتلوا منهم نحو الألفين.
أخذه قلعتي ارحيس وارنيك قال ثم قصد قلعة أرحيس فاستولى عليها ثم نزل على قلعة ارنيك وبها مضر بن قرا محمد أمير التركمان فحاصرها وأخذها بالأمان في شوال سنة 796 وقتل من بها من الجند وسير مضر صاحبها إلى سمرقند.