إدريس بن عبد الله المحض وضعت المغاربة التاج على بطن جاريته أم إدريس فولدته بعد أربعة أشهر قال الشيخ أبو نصر البخاري قد خفي على أناس حديث إدريس لبعده عنهم ونسبوه إلى مولاه راشد وقالوا انه احتال في ذلك لبقاء الملك له ولم يعقب إدريس بن عبد الله وليس الامر كذلك فان داود بن القاسم الجعفري وهو أحد كبار العلماء وممن له معرفة بالنسب حكى انه كان حاضرا قصة إدريس بن عبد الله وسمه وولادة إدريس بن إدريس قال: وكنت معه بالمغرب وقال أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر الطيار أنشدني إدريس لنفسه شعرا:
لو مال صبري بصبر الناس كلهم * لكل في روعتي وضل في جزعي بان الأحبة فاستبدلت بعدهم * هما مقيما وشملا غير مجتمع كأنني حين يجري الهم ذكرهم * على ضميري مجبول على الفزع تأوي همومي إذا حركت ذكرهم * إلى جوارح جسم دائم الجزع وأعقب إدريس بن إدريس من سبعة رجال القاسم، وعيسى، وعمر، وداود، ويحيى، وعبد الله، وحمزة. وقيل أعقب من غيرهم أيضا ولكل منهم ممالك ببلاد المغرب هم بها ملوك إلى الآن انتهى. 723:
إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
مر في أصحاب الصادق ع إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب و الظاهر أنه هو هذا وحينئذ كان الصواب تكرير لفظ الحسن كما هنا في عمدة الطالب: أمه وأم أخيه سليمان عاتكة بنت عبد الملك المخزومية. وفي مقاتل الطالبيين أمه عاتكة بنت الحارث الشاعر بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وفي خالد بن العاص يقول الشاعر:
لعمرك ان المجد ما عاش خالد * على الغمر من ذي كندة لمقيم يمر بك العصران يوما وليلة * فما أحدثا الا وأنت كريم ويبدي البطاح البيض من جود خالد * ويحصر حتى ما يكاد يريم يعني غمر كندة وهو موضع كان ينزله وقد ذكره عمر بن أبي ربيعة في شعره فقال:
إذا سلكت غمر ذي كندة * مع الصبح قصدا لها الفرقد ثم روى أبو الفرج بأسانيده ان إدريس بن عبد الله بن حسن بن حسن أفلت من وقعة فخ ومعه مولى له يقال له راشد فخرج به في جملة حاج مصر وإفريقية وكان إدريس يخدمه ويأتمر له حتى أقدمه مصر فنزلها ليلا فجلس على باب رجل من موالي بني العباس فسمع كلامهما وعرف الحجازية فيهما فقال أظنكما غريبين؟ قالا نعم قال وحجازيين؟ قالا نعم.
فقال له راشد أريد ان القي إليك أمرنا على أن تعاهد الله انك تعطينا خلة من خلتين اما ان أوتينا وأمنتنا واما سترت علينا أمرنا حتى نخرج من هذا البلد، قال افعل. فعرفه نفسه وإدريس بن عبد الله فأواهما وسترهما وتهيأت قافلة إلى إفريقية فاخرج راشدا إلى الطريق وقال له ان على الطريق مسالح ومعهم أصحاب اخبار تفتش كل من يجوز وأخشى ان يعرف فانا امضي به على غير الطريق حتى اخرجه عليك بعد مسيرة أيام وهناك تنقطع المسالح ففعل ذلك وخرج به عليه فلما قرب من إفريقية ترك القافلة ومضى مع راشد حتى دخل بلد البربر في مواضع منه يقال لها فاس وطنجة فأقام بها واستجاب له البربر وبلغ الرشيد خبره فغمه فشكا ذلك إلى يحيى بن خالد فقال انا أكفيك أمره ودعا سليمان بن حرز الجزري وكان من متكلمي الزيدية البترية ومن أولي الرياسة فيهم فارغبه ووعده عن الخليفة بكل ما أحب على أن يحتال لإدريس حتى يقتله ودفع اليه غالية مسمومة فاخذ معه صاحبا له وخرج يتغلغل في البلدان حتى وصل إلى إدريس بن عبد الله فمت اليه بمذهبه وقال إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي فجئتك فانس به واجتباه وكان ذا لسان وعارضة وكان يجلس في مجلس البربر فيحتج للزيدية ويدعو إلى أهل البيت كما كان يفعل فحسن موقع ذلك من إدريس إلى أن وجد فرصة لإدريس فقال له جعلت فداك هذه قارورة غالية حملتها من العراق ليس في هذا البلد من هذا الطيب شئ فقبلها إدريس وتغلل بها وشمها وانصرف سليمان إلى صاحبه وقد أعدا فرسين وخرجا يركضان عليهما وسقط إدريس مغشيا عليه من شدة السم فما يعلم من بقربه ما قصته وبعثوا إلى راشد مولاه فتشاغل به ساعة يعالجه وينظر ما قصته واقام إدريس في غشيته عامة نهاره حتى قضى عشيا وتبين راشد امر سليمان فخرج في جماعة فما لحقه غير راشد وتقطعت خيل الباقي فلما لحقه ضربه ضربات، منها على رأسه ووجهه وضربة كنعت أصابع يديه وكان بعد ذلك مكنعا. وفي رواية ان سليمان بن جرير اهدى إلى إدريس سمكة مشوية مسمومة فقتله وفي رواية ان الرشيد وجه اليه الشماخ مولى المهدي وكان طبيبا فاظهر له انه من الشيعة وانه طبيب فاستوصفه سفوفا فحمل اليه سفوفا وجعل فيه سما فلما استن به جعل لحم فيه ينتثر وخرج الشماخ هاربا حتى ورد مصر وكتب ابن الأغلب إلى الرشيد بذلك فولى الشماخ بريد مصر واجازه.
وقال رجل من أولياء بني العباس يذكر قتل إدريس بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع:
أتظن يا إدريس انك مفلت * كيد الخليفة أو يقيك فرار فسيدركنك أو تحل ببلدة * لا يهتدي فيها إليك نهار ان السيوف إذا انتضاها سخطه * طالت وتقصر عندها الاعمار ملك كان الموت يتبع امره * حتى يقال تطيعه الاقدار قال أحمد بن عبيد الله بن عمار الذي روى عنه أبو الفرج هذا الحديث: وهذا الشعر عندي يشبه شعر أشجع بن عمرو السلمي وأظنه له قال أبو الفرج الأصبهاني هذا الشعر ولمروان بن أبي حفصة أنشدنيه علي بن سليمان الأخفش له. قالوا ورجع راشد إلى الناحية التي كان بها إدريس مقيما فدفنه وكان له حمل فقام راشد بأمر المرأة حتى ولدت فسماه