تبددوا ورجعوا إلى الكوفة ولا ندري الذي يكون فيها قد يكون مائتي رجل فنزلت فكتبت أصحابي كتائب ثم أخذت أبعثهم اليه كتيبة بعد كتيبة فيقاتلهم والله ويصبر لهم ويطاردهم ويطاردونه في الأزقة فلما رأيت ذلك أنزلت إليهم نحوا من مائتين واتبعهم الخيل فلما حملت عليهم الخيل وأمامها الرجال تمشي لم يكن شئ حتى تفرقوا وقتل صاحبهم في نحو ثلاثين رجلا وحملنا ما كان في الأنبار من الأموال ثم انصرفت فوالله ما غزوت غزاة كانت اسلم ولا أقر للعيون ولا أسر للنفوس منها وبلغني أنها أرعبت الناس فلما عدت إلى معاوية حدثته الحديث على وجهه فقال كنت عند ظني بك لا تنزل في بلد من بلداني الا قضيت فيه مثل ما يقتضي فيه أميره وإن أحببت توليته وليتك وليس لأحد من خلق الله عليك أمر دوني قال فوالله ما لبثنا الا يسيرا حتى رأيت رجال أهل العراق يأتوننا على الإبل هرابا من عسكر علي. قال إبراهيم كان اسم عامل علي ع على مسلحة الأنبار أشرس بن حسان البكري وروى إبراهيم عن عبد الله بن حبيب بن عفيف قال: كنت مع أشرس بن حسان البكري بالأنبار على مسلحتها إذ أصبحنا سفيان بن عوف في كتائب تلمع الأبصار منها فهالونا والله وعلمنا إذ رأيناهم أنه ليس لنا طاقة بهم ولا يد فخرج إليهم صاحبنا وقد تفرقنا فلم يلقهم نصفنا وأيم الله لقد قاتلناهم فأحسنا قتالهم حتى كرهونا ثم نزل صاحبنا وهو يتلو قوله تعالى فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ثم قال لنا من كان لا يريد لقاء الله ولا يطيب نفسا بالموت فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم فان قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار ثم نزل في ثلاثين رجلا فهممت بالنزول معه ثم أبت نفسي واستقدم هو وأصحابه فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله وانصرفنا نحن منهزمين.
قال إبراهيم وقدم علج من أهل الأنبار على علي ع فأخبره الخبر فصعد المنبر فخطب الناس وقال: إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار وهو معتز لا يخاف ما كان واختار ما عند الله على الدنيا فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم فان أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلم متكلم فلم ينبس أحد منهم بكلمة فلما رأى صمتهم نزل وخرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من أشرافهم فقالوا ارجع يا أمير المؤمنين ونحن نكفيك فقال ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله فرجع وهو واجم كئيب ودعا سعيد بن قيس الهمداني فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف وذلك أنه أخبر أن القوم جاءوا في جمع كثيف فخرج سعيد بن قيس على شاطئ الفرات في طلب سفيان بن عوف حتى إذا بلغ عانات سرح أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني فاتبع آثارهم حتى دخل أداني ارض قنسرين وقد فاتوه فانصرف. 1269:
الأشرف بن الأغر بن هاشم العلوي الحسني النسابة الرملي الحلبي الملقب تاج العلاء.
ولد غرة المحرم سنة 482 بالرملة وتوفي سنة 610 بحلب عن 128 سنة.
أقوال العلماء فيه كان عالما حافظا نسابة شاعرا واعظا ذكره صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي في كتابه نكت الهميان في نكت العميان فقال: الأشرف بن الأغر بن هاشم المعروف بتاج العلاء العلوي الحسني الرافضي الرملي كان بامد وتوفي بحلب اجتمع هو وابن دحية فقال له ان دحية لم يعقب فتكلم فيه ابن دحية ورماه بالكذب في مسائله الموصلية. وذكره يحيى بن أبي طي في تاريخه فقال: شيخنا العلامة الحافظ النسابة الواعظ الشاعر قرأت عليه نهج البلاغة وكثيرا من شعره أخبرني أنه ولد غرة المحرم سنة 482 وعاش 128 سنة وقال إنه لقي ابن الفحام وقرأ عليه بالسبع في كتابه الذي صنفه قال وكنت بالبصرة وسمعت من الحريري خطبة المقامات ثم أخبرني أنه دخل المغرب وسمع من الكروخي كتاب الترمذي ودخل دمشق والجزيرة و حلب وأخذه ابن شيخ السلامية وزير صاحب آمد وبني في وجهه حائطا ثم خلص بشفاعة الظاهر لأنه هجا ابن شيخ السلامية وجعل له الظاهر كل يوم دينارا صوريا وفي كل شهر عشرة مكاكيك حنطة ولحما وقدح عينيه ثلاث مرات وكانت العامة تطعن عليه عند السلطان ولا يزيده إلا محبة.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي ما كان هذا الا وقحا جريئا على الكذب انظر كيف ادعى هذه السن وكيف كذب في لقاء ابن الفحام والحريري انتهى. وفي لسان الميزان: الأشرف بن الأغر بن هاشم العلوي النسابة من أهل حلب ذكر أنه سمع جامع أبي عيسى الترمذي من الكروخي قال ابن النجار ولم يكن موثوقا به فيما يقوله اجتمعت به بحلب وأنشدوني من شعره. وقال أبو الخطاب: ابن دحية كان كذابا وقال يحيى بن أبي طي أخبرني هذا الشريف ولقبه تاج العلاء أنه ولد سنة 482 قال وقال اجتمعت بالقاضي علي بن عبد العزيز الصوري فسمعت عليه مجمل اللغة لابن فارس وعمره يومئذ 95 سنة وهو يفهم صحيح السمع مع تضعضع في أعضائه قال وذكر لي حال القراءة عليه أن ابن فارس قدم عليهم صور سنة 344 فافرد له الشيخ الشافعي أبو الفتح سليم الرازي دارا وسمع عليه المجمل من أوله إلى آخره. قال: وقال لي تاج العلاء اجتمعت بالحريري صاحب المقامات سنة 521 بالبصرة وهذه جرأة عظيمة وغباوة كيف صدقه ابن أبي علي على ذلك والحريري قد مات قبل هذا التاريخ بمدة وكان رافضيا مات سنة 610 وهو بزعمه قد بلغ 128 عاما ونقلت من مصنف لابن دحية أنه لقيه بالرملة فيقول دخلت المغرب الأقصى وسكنت القيروان وأردت المشي منها إلى مراكش فوصلت إليها في ستة أيام فقلت له أفي اليقظة قال نعم على جمل فقلت له بين القيروان ومراكش ثلاثة أشهر قال وجعل يذكر أسماء الصحابة إلى أن قال كان لدحية بن خليفة أخ يقال له علي وله عقب كثير بالمغرب والشام قال ابن دحية وقد قيد أهل حلب عن هذا الرملي أحاديث في النسب والحديث وكان يزعم أن البخاري مجهول ما روى عنه إلا الفريري انتهى وتشيع هذا الرجل أوجب هذا التحامل الشديد عليه من هؤلاء فالذهبي الذي لا يقتصر تحامله على رجال الشيعة فقط بل يتحامل على الحنفية والشافعية حتى قال السبكي أنه لا ينبغي أن يؤخذ من كلامه ترجمة شافعي ولا حنفي كما في حاشية ذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد والذي لا يقتصر تحامله على من يترجمه من رجال الشيعة على الطعن والقدح حتى ينتهي به الأمر إلى بذاءة اللسان التي يجب أن يصون العلماء كلامهم عنها لا يجوز قبول قوله في حق هذا الرجل الجامع بين منقبتي العلم والشرف فهو يقول: ما كان هذا الا وقحا جريئا على الكذب ويستشهد