بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما ورضي الله عن التابعين لهم باحسان وتابعي التابعين وعن العلماء والصالحين إلى يوم الدين.
وبعد فيقول العبد الفقير إلى عفو ربه الغني محسن ابن المرحوم السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي عامله الله بفضله ولطفه هذا هو الجزء التاسع من كتاب أعيان الشيعة في بقية من اسمه أحمد. ومن الله تعالى نستمد المعونة والهداية والتوفيق والتسديد.
أحمد بن عبد العزيز الكوفي أبو شبل ذكره الشيخ في رجاله في رجال الصادق ع.
أحمد بن عبد العزيز الكزي البغدادي معاصر لابن أبي الحديد ذكره في شرح النهج وقال: كان له لسن ويشتغل بشئ يسير من كلام المعتزلة ويتشيع وعنده قحة، وقد شد أطرافا من الأدب، قال: وقد رأيت أنا هذا الشخص في آخر عمره وهو يومئذ شيخ والناس يختلفون اليه في تعبير الرؤيا انتهى وقد ذكر ذلك في شرح قول أمير المؤمنين ع سلوني قبل ان تفقدوني فلأنا بطرق السماء اعلم مني بطرق الأرض، قال: اجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء سلوني غير علي بن أبي طالب، ذكر ذلك ابن عبد البر المحدث في كتاب الاستيعاب. حدثني من أثق به من أهل العلم حديثا وان كان فيه بعض الكلمات العامية الا انه يتضمن ظرفا ولطفا وأدبا قال: كان ببغداد في أيام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضئ بالله واعظ مشهور بالحذق ومعرفة الحديث والرجال، وكان يجتمع اليه وتحت منبره خلق عظيم من عوام بغداد ومن فضلائها أيضا، وكان مشتهرا بذم أهل الكلام وخصوصا المعتزلة وأهل النظر على قاعدة الحشوية ومبغضي أرباب العلوم العقلية وكان أيضا منحرفا عن الشيعة يرضي العامة بالميل عليهم فاتفق قوم من رؤساء الشيعة على أن يضعوا عليه من يبكته ويسأله تحت منبره ويخجله ويفضحه في المجلس وهذه عادة الوعاظ يقوم إليهم قوم فيسألونهم مسائل يتكلفون الجواب عنها. وسألوا عمن ينتدب لهذا فأشير عليهم بشخص كان ببغداد يعرف بأحمد بن عبد العزيز الكزي فاحضروه وطلبوا اليه ان يعتمد ذلك فأجابهم وجلس ذلك الواعظ في يومه الذي جرت عادته بالجلوس فيه واجتمع الناس عنده على طبقاتهم حتى امتلأت الدنيا بهم، وتكلم على عادته فأطال فلما مر في ذكر صفات الباري سبحانه في أثناء الوعظ قام اليه الكزي فسأله أسئلة عقلية على منهاج كلام المتكلمين من المعتزلة فلم يكن للواعظ عنها جواب نظري وانما دفعه بالخطابة والجدل وسجع الألفاظ، وتردد الكلام بينهما طويلا وقال الواعظ في آخر الكلام:
أعين المعتزلة حول وأصواتي في مسامعهم طبول وكلامي في أفئدتهم نصول يا من بالاعتزال يصول ويحك كم تحوم وتجول حول من لا تدركه العقول كم أقول كم أقول خلوا هذا الفضول. فارتج المجلس وصرخ الناس وعلت الأصوات وطاب الواعظ وطرب وخرج من هذا الفصل إلى غيره فشطح شطح الصوفية وقال سلوني قبل ان تفقدوني وكررها فقام اليه الكزي فقال يا سيدي ما سمعنا أنه قال هذه الكلمة الا علي بن أبي طالب وتمام الخبر معلوم، وأراد الكزي بتمام الخبر قوله ع: لا يقولها بعدي الا مدع، فقال الواعظ وهو في نشوة طربه وأراد اظهار فضله ومعرفته برجال الحديث والرواة: من علي بن أبي طالب؟ أ هو علي بن أبي طالب بن المبارك النيسابوري، أم علي بن أبي طالب بن إسحاق المروزي، أم علي بن أبي طالب بن عثمان القيرواني، أم علي بن أبي طالب بن سليمان الرازي وعد سبعة أو ثمانية من أصحاب الحديث كلهم علي بن أبي طالب، فقام الكزي وقام من يمين المجلس آخر ومن يسار المجلس ثالث انتدبوا له وندبوا أنفسهم للحمية ووطنوها على القتل، فقال الكزي أشا يا سيدي فلان الدين أشا، صاحب هذا القول هو علي بن أبي طالب زوج فاطمة سيدة نساء العالمين وان كنت ما عرفته بعد بعينه فهو الشخص الذي لما آخى رسول الله ص بين الأتباع والادناب آخى بينه وبين نفسه وأسجل على أنه نظيره ومماثله فهل نقل في جهازكم أنتم من هذا شئ أو نبت تحت حبكم من هذا شئ، فأراد الواعظ ان يكلمه فصاح عليه القائم من الجانب الأيمن وقال: يا سيدي فلان الدين محمد بن عبد الله كثير في الأسماء ولكن ليس فيهم من قال له رب العزة ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، وكذلك علي بن أبي طالب كثير في الأسماء ولكن ليس فيهم من قال له صاحب الشريعة أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا إنه لا نبي بعدي:
وقد تلتقي الأسماء في الناس والكنى * كثيرا ولكن ميزوا في الخلائق فالتفت اليه الواعظ ليكلمه فصاح عليه القائم من الجانب الأيسر وقال: يا سيدي فلان الدين حقك تجهله أنت معذور في كونك لا تعرفه:
وإذا خفيت على الغبي فعاذر * ان لا تراني مقلة عمياء فاضطرب المجلس وماج كما يموج البحر وافتتن الناس وتواثبت العامة بعضها إلى بعض وتكشفت الرؤوس ومزقت الثياب ونزل الواعظ واحتمل حتى ادخل دارا أغلق عليه بابها وحضر أعوان السلطان فسكنوا الفتنة