الدين محمد بن الرشيد وجماعة من وجوه العراق وأركان المملكة، وكان الشريف شهاب الدين احمد قد أعد رجالا وسلاحا ودراهم مسكوكة باسم السلطان أبي سعيد. فلما بلغوا إلى عرفات وزالت الشمس وتهيأ الناس للوقوف لبس رجاله السلاح وقدموا المحمل العراقي وهو محمل السلطان أبي سعيد مع اعلامه على المحمل المصري وأصعدوه جبل عرفات قبله وأوقفوه أرفع منه، ولم يجر بذلك عادة منذ انقضاء الدولة العباسية، ولم يكن للمصريين طاقة على دفعه فالتجأوا إلى الشريف رميثة أبيه فاستنجد بني حسن والقواد فتخاذلوا عنه لمكان ابنه أحمد ومحبتهم إياه ولاحسانه إليهم قديما وحديثا، وامر الشريف احمد ان يتعامل بتلك الدراهم المسكوكة باسم أبي سعيد فتعومل بها في الموسم خوفا منه، وعاد إلى السلطان مصاحبا للقافلة العراقية، فأعظمه السلطان اعظاما عظيما وأحله مقاما كريما وفوض اليه أمر الاعراب بالعراق، فأكثر فيهم الغارة والقتل، وكثر اتباعه وعرض جاهه، واقام بالحلة نافذ الامر عريض الجاه كثير الأعوان إلى أن توفي السلطان أبو سعيد فاخرج الشريف احمد الحاكم الذي كان بالحلة وهو الأمير علي بن الأمير طالب الدلقندي الحسيني الأفطسي وتغلب على البلد واعماله ونواحيه وجبى الأموال، وكثر في زمانه الظلم والتغلب فلما تمكن الشيخ حسن بن الأمير حسن آقبوقا من بغداد وجه اليه العساكر مرارا فأعجزه لمراوغته مرة ومقاومته أخرى، ثم إن الشيخ حسن توجه اليه بنفسه في عسكر ضخم وعبر الفرات من الأنبار وأحاط بالحلة فتحصن الشريف احمد بها فغدر به أهل الحلة التي كان قد اعتمد عليها وخذله الاعراب الذين جاء بهم مددا، وتفرق الناس عنه، حتى بقي وحده وملك عليه البلد، فقاتل عند باب داره في الميدان قتالا لم يسمع بمثله، وقتل معه أحمد بن فليتة الفارس الشجاع وأبوه فليتة، ولم يثبت معه من بني حسن غيرهما، وابليا وقاتلا حتى قتلا. ولما ضاق به الامر توجه إلى محلة الأكراد، وكان قد نهبها مرارا وقتل جماعة من رجالها، الا انهم لما رأوه قد خذل أظهروا له الوفاء وأوعده النصر وتعهدوا له ان يحاربوا دونه في مضائق دروب البلد حتى يدخل الليل، ثم يتوجه حيث شاء. وكان الحزم فيما أشاروا، ولكنه خالفهم وذهب إلى دار النقيب قوام الدين بن طاوس الحسني وهو يومئذ نقيب نقباء الاشراف، فلما سمع الأمير الشيخ حسن بذلك، أرسل اليه شيخ الاسلام بدر الدين المعروف بان شيخ المشايخ الشيباني، وكان مصاهرا للنقيب قوام الدين بن طاوس، فامن الشريف وحلف له وأعطاه خاتم الأمان أرسل به الأمير الشيخ حسن، فركب الشريف معه إلى الأمير الشيخ حسن وهو نازل خارج البلد، ولم يكن الشريف احمد يظن أو يخطر بباله ان الشيخ حسن يقدم على قتله، ولعمري لقد كان الشيخ حسن يهاب ذلك لجلالة الشريف ونسبه ولمكان أبيه وملكه مكة شرفها الله تعالى، وخوفا من قبح الأحدوثة، والتقلد بدم مثل ذلك السيد. الا ان بعض بني حسن أغراه بذلك وخوفه عواقبه وانه ما دام حيا لا يصفو العراق له فلما ذهب مع الشيخ بدر الدين وكان في بعض الطريق استلبوا سيفه فأحس بالشر، فقال للشيخ بدر الدين: ما هذا؟ قال: لا أدري انما كنت رسولا وفعلت ما أمرت به هذا كله والشريف غير آيس من نفسه فلما دخل على الأمير الشيخ حسن واصل الاعتذار، فاظهر الأمير الشيخ حسن القبول منه وطالبه بأموال البلاد في المدة التي حكم فيها وهو قريب من ثماني سنوات أو أزيد فأجاب: بأنه أنفقها فعذب تعذيبا فاحشا، حتى أنه كان يملأ الطست من الجمر ويوضع على صدره، فكان لا يجيب الا اني أنفقت بعضها وأودعت بعضها عند بعض الناس ودفنت بعضها في الأرض، لا يزيد على ذلك. فأراد الشيخ حسن اطلاقه فحذره بعض خواص الشريف فاحتال في قتله بان جاءوا بالأمير أبي بكر بن كنجاية، وكان الشريف قد قتل أباه الأمير محمد بن كنجاية واعترف بالقتل وكان قتله في بعض حروبه، فامر أبا بكر ان يقتله قصاصا بابيه فاستعفى فلم يعف فضرب عنق الشريف بسبع ضربات ثم حمل إلى داره فغسل وذهب الشيخ حسن بنفسه وأمرائه فصلى عليه ودفن في داره ثم نقل إلى المشهد الغروي وانقطعت قافلة العراق عن الحج مدة حياة الشريف رميثة، فلما توفي وملك ابنه عز الدين أبو سريع عجلان احتال بعض الاتباع وأولاد مولدهم وهو حسن بن تركي. وكان شهما جلدا وتقبل بالسعي وبالصلح واستصحب الشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني المحدث وتوجها إلى الشام ثم مضيا مع قافلة الشام إلى الحجاز، وهكذا كان يحج من أراد الحج من العراق في تلك المدة. فلما وردا الحجاز تكلما في الصلح فأجابهما السيد عجلان إلى ما أرادا وارسل معهما ابنه خرصا إلى بغداد وصحبهم من كان قد حج من أهل العراق على طريق الشام، فلما وصل السيد خرص بن عجلان إلى الشيخ حسن أكرمه اكراما يتجاوز الوصف وبذل له ما كان قد تقرر عليه الصلح من الأموال وما كان قد اجتمع من الأوقاف المكية في تلك المدة وهي سبع سنوات، وأضاف إلى ذلك أشياء أخرى. وكان للشريف احمد ابنان هما احمد ومحمود فقرر لهما من مال الحلة في كل سنة مبلغ عشرين ألف دينار تحمل اليهما في كل سنة إلى الحجاز ولم تزل مستمرة يأخذها محمود واحمد وفيهما يقول للشاعر:
واحمد أحمد الرجلين عندي * ولست أنال محمودا بذام واعرف للكبير السن حقا * ولكن الشهامة للغلام 529: أبو العباس أحمد بن منصور السكري المعروف بالأغر.
الظاهر أنه هو أبو منصور السكري الذي يروي عنه الشيخ في الأمالي عن جده علي بن عمر، وفي بعض النسخ اليشكري بدل السكري، ولكن الذي في أكثر النسخ السكري.
في رياض العلماء في باب الكني: أبو منصور السكري هو من مشائخ الشيخ الطوسي كما يظهر من أماليه وهو يروي عن جده علي بن عمر عن إسحاق بن مروان القطان عن أبيه عن عبيد بن مهران العطار عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه وعن جعفر بن محمد عن أبيهما عن جدهما الحديث ولا يبعد كونه من علماء العامة أو الزيدية وليس هو بأبي منصور عبد المنعم لأن الشيخ يروي عنه بالواسطة قال وفي طي بعض أسانيد أخبار فرائد السمطين للحموئي هكذا عن الأمين أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله قراءة عليه في داره بالحريم الطاهري في ذي القعدة سنة 438 قال أنبأنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري المعروف بالأغر وكان مؤذنا له املاء سنة 356 قال أنبأنا الصولي الخ انتهى وفي مستدركات الوسائل اما كونه من العامة فيبعده ما رواه الشيخ عنه فيه، واما كونه زيديا فالله أعلم انتهى.
أقول رواياته التي رواها الشيخ في الأمالي عنه أكثرها كالصريح في أنه ليس من العامة ولا باس بايرادها كلها لما فيها من المنافع والدلالة على تشيعه. قال الشيخ في الأمالي: حدثنا أبو منصور السكري حدثنا جدي