الكتب التي نعتمد عليها في ترجمته نأخذها من تاريخ فارسي مخطوط عندنا ذكر فيه ملخص أخباره ومن كتاب عجائب المقدور في أخبار تيمور لأحمد بن محمد بن عبد الله الدمشقي المعروف بابن عربشاه المعاصر لتيمور بحذف اسجاعه الباردة وتشدقاته الممقوتة وشتائمه ومن كتاب البدر الطالع في أعيان القرن السابع لمحمد بن علي الشوكاني ومن شذرات الذهب لعبد الحي بن عماد الحنبلي وما نقل عن غيرها من الكتب كتواريخ القرماني وابن اياس وابن دحلان وغيرها.
سوء القول فيه بالغ جل من ذكر تيمور من المؤرخين خصوصا ابن عربشاه والقرماني في سبه وشتمه ولعنه كلما مر ذكره ووصفه بأقبح الصفات ونعته بأبشع النعوت، وقال الدحلاني في الفتوحات الاسلامية فيما حكي عنه كان ظهور تيمور لنك من أشد المحن والبلايا على هذه الأمة أفسد في الأرض وأهلك الحرث والنسل وهو وإن كان يدعي الاسلام إلا أن قتاله مثل قتال الكفار لأنه فعل أفعالا مع المسلمين أكثر مما تفعله الكفار من القتل والأسر والتخريب وكان رافضيا شديد الرفض انتهى ولا شك أن للنحلة والمذهب في ذلك دخلا فقد وقع في تاريخ الاسلام ما هو مثل أفعال تيمور وأفظع وأشنع ولم نر هؤلاء المؤرخين تناولوا فاعليها ببعض ما تناولوا به هذا الرجل وأي ملك تغلب على بلاد لم يكن تغلبه عليها بالقهر والقتل وسفك الدماء وهتك الاعراض ونهب الأموال الا ما شذ، وهؤلاء السلاجقة وهم من ملوك الاسلام لما تغلبوا على بلاد الموصل كانت النساء العربيات يقتلن أنفسهن خوفا من الفضيحة، وتاريخ الاسلام حافل بالفظائع قتل يوم الجمل في البصرة خمسة عشر ألفا من المسلمين على الأكثر وعشرة آلاف على الأقل على أي شئ؟! وقتل من عبد القيس في وقت الهدنة سبعون رجلا صبرا كانوا يجرون كالكلاب فيقتلون فيما ذكره الطبري، على غير ذنب، ونتفوا لحية عثمان بن حنيف الأنصاري وحاجبيه وأشفار عينيه بعد الأمان أ فكان هذا مثل فعل الكفار أو أقل أو أشد. وسار بسر بن أرطاة وهو صحابي يستعرض المسلمين بالسيف ظلما وعدوانا حتى أتى مكة والمدينة واليمن وقتل في خروجه ذلك ألوفا من المسلمين على غير ذنب وذبح ابني عبيد الله بن العباس وهما طفلان صغيران على درج صنعاء تحت ذيل أمهما فذهب عقلها وسبى نساء مسلمات فأقمن في السوق فكان يكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها، أ فكان الكفار يفعلون أعظم من هذا؟! وأرسل معاوية بعض أصحاب حجر بن عدي من الشام إلى زياد بن سمية بالكوفة وأمر أن يدفنه حيا فامتثل ودفنه حيا فهل فعل الكفار مثل هذا أو أفظع منه؟! وقتل المسلمون الحسين بن علي بن أبي طالب وهو ابن بنت نبيهم وليس لنبيهم ابن بنت غيره فكانوا بين قاتل وخاذل، وقد أوصى به ونوه بفضله، وبايعوا بالخلافة يزيد الخمير السكير اللاعب بالقرود والفهود المعلن بالكفر وقتلوا مع الحسين سبعة عشر رجلا من أهل بيته ونيفا وسبعين من أصحابه بعد ما منعوهم الماء ومعهم الأطفال والنساء ومثلوا بالحسين بعد القتل وسبوا نساءه وساروا بهن وبرأسه ورؤوس أصحابه من بلد أ فكان هذا أكثر مما تفعله الكفار أو أقل! هذا والعهد بالرسول ص قريب والاسلام غض طري!! وحوصرت المدينة يوم الحرة وذلك في صدر الاسلام وقتل أهلها قتلا عاما وفيها الصحابة وسميت نتنة ونتفت لحية أبي سعيد الخدري وهو شيخ كبير صحابي وأبيحت ثلاثا حتى حملت مئات النساء من الزنا وولد مئات الأولاد لا يعرف لهم أب وكان الرجل من أهلها بعد ذلك إذا أراد أن يزوج ابنته لم يضمن بكارتها يقول لعله أصابها شئ يوم الحرة. وبويع الناس وفيهم بقايا المهاجرين والأنصار على أنهم عبيد رق ليزيد بن معاوية ومن أبى قتل فأين هذا من فعل الكفار؟. وسلط عبد الملك بن مروان وهو يحمل لقب الخلافة وإمرة المؤمنين الحجاج على المسلمين يقتل وينهب ويسلب ويسجن ويعاقب بأفظع العقوبات بذنب وبغير ذنب حتى غزا مكة المكرمة وضرب البيت الحرام بالمنجنيق وقتل ابن الزبير وهو صحابي وصلبه وختم على أيدي الصحابة وأعناقهم كما يفعل بالكفار وولاه العراق فعمل فيه من الظلم ما لا يدركه الحصر وقتل من المسلمين ما لا يحصيه العد، ووجد في سجنه بعد هلاكه ألوف لم يكن لأحد منهم ذنب يستحق به السجن وكان يسجن الرجال والنساء في سجن واحد وليس له سقف فهل وجد في الكفار من يشبه فعله فعل الحجاج مع المسلمين؟.
وإن الأفعال المار ذكرها فرقت كلمة المسلمين وأوقعت بينهم العداوة والضغائن إلى اليوم فكانت من هذه الجهة أشد من محنة تيمور، هل قال أحد أنها من أشد المحن والبلايا على هذه الأمة، بل نرى اليوم من يشيد بذكر من قتل الحسين ومن سلط الحجاج وأشباهه على هذه الأمة على المنابر ويذكر ميزاته ومناقبه ويلوم من لا يتابعه على ذلك. ولما أخذ صلاح الدين ملك الفاطميين بمصر حبس رجالهم ونساءهم وفرق بينهم في الحبس حتى لا يتناسلوا أ فيوجد ظلم أفظع من هذا عند الكفار.
نحن لا نقول أن تيمور لم يكن ظالما فهو طاغية ظالم كغيره من الظلمة المتغلبين، ولكننا نسأل هؤلاء المؤرخين لما ذا إذا مروا بذكر غيره من الظلمة ممن هو مثله أو أكثر منه ظلما أو أقل، وكانت مفاسد ظلمه أضر على هذه الأمة لم يتناولوه بسب ولا شتم وربما التمسوا له العذر أو قالوا إنه مأجور وإذا مروا بذكر تيمور تناولوه بالشتم واللعن كلما ذكر؟! ولا شك أن للعصبية المذهبية دخلا في ذلك.
آباؤه وأجداده قد عرفت أنه يجتمع هو وجنكيز خان في بعض أجداده وقال غير واحد ان أمه من ذرية جنكيز ومر آنفا عن خطط الشام أن أباه رأس قبيلة برلاس التركية وحكم ولاية كش وفي التاريخ الفارسي كان أباه الأمير تيمور وأجداده أصحاب حشمة وشوكة عند الخوانين الجنكيزية وكان لجده الخامس الأمير قراجار نوئين منصب أمير الأمراء في زمن سلطنة جغاتاي خان بن جنكيز خان وكان اليه ضبط وتنسيق العسكر والرعية وتوفي سنة 652 عن 89 سنة وولد تيمور بالتاريخ المتقدم انتهى وفي عجائب المقدور كان