لأهل زمانه. شرار الامراء ابعدهم من القراء. وشرار القراء أقربهم من الامراء قيل لابن المبارك: لو أن الله سبحانه أوحى إليك انك ميت العشية ما كنت صانعا اليوم؟ قال. اطلب فيه العلم. وقال يحيى بن معاذ من لم يكن مستعدا لموته فموته موت فجأة، وان كان صاحب فراش سنة. وقال آخر. طلب الخير شديد وترك الشر أشد لأنه ليس كل خير يلزمك عمله والشر كله يلزمك تركه. قيل للعباس بن مرداس لم تركت الشراب؟ قال اكره ان أصبح سيد قوم وأمسي سفيههم. وقال الخليل بن أحمد: العزلة توقي العرض وتبقي الجلالة وتستر الفاقة، وترفع مؤونة المكافاة في الحقوق اللازمة. وقال التيمي: لا تطلبوا الحوائج إلى ثلاثة. إلى عبد يقول الأمر لغيري. وإلى رجل حديث عهد بالغنى. وإلى صيرفي همته ان يسرق أو يسترجع في كل مائة دينار حبة. وقال الحسن: يا ابن آدم انما أنت أيام مجموعة. فإذا امضى يوم فقد مضى بعضك. ومر عيسى ع بقوم يبكون فقال ما لهم يبكون! قالوا هؤلاء قوم يبكون على ذنوبهم! قال فليتركوها تغفر لهم. وقال الفضيل: لا تطلبوا في هذا الزمان ثلاثة أشياء فإنكم لا تجدونها: لا تطلبوا عالما مستعملا لعلمه فإنكم تبقون بلا علم ولا تطلبوا طعاما من شبهة فإنكم تبقون بلا طعام ولا تطلبوا صديقا بلا عيب فإنكم تبقون بلا صديق. وقيل ليس من احتجب بالخلق كمن احتجب بالله عنهم. وقيل: الرجاء لله أقوى من خوفه لأنك تخافه لذنبك وترجوه لجوده. وقال حكيم الدليل على أن ما في يدك ليس هو لك علمك انه كان قبلك لغيرك.
وصية قس بن ساعدة لابنه اعلم يا بني ان المعاء تكفيه البقلة وترويه المذقة، ومن عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، ومتى عدلت على نفسك وعلى من دونك عدل عليك من فوقك، وإذا نهيت عن شئ فابدأ بنفسك، ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج اليه فيوبيك، وإذا ادخرت فلا يكونن كنزك الا العمل الصالح، وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك، ولا تشاورن مشغولا وان كان حازما لبيبا، ولا خائفا وان كان فهما عليما، ولا تضع في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه الا بشق منك، وإذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاقصد، ولا تستودعن دمك أحدا وان قربت قرابته فإنك إذا فعلت ذلك لم تزل وكيلا ذليلا ظ وكان المستودع بالخيار في الوفاء والغدر، وكنت عبدا ما بقيت، فان جنى عليك كنت أولى بذلك، وان وفي كان الممدوح دونك. وقال آخر: الدنيا دار تجارة، فالويل لمن تزود منها الخسارة.
دعاء: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصن وجهي عن مسالة غيرك. العدو إذا صالحته فاحترز منه كما تحترز من الحية إذا حملتها في كمك. وقال آخر: طوبى لمن إذا كان ضعيفا عن الخير كان ضعيفا عن الشر، عيش في الأمن مع الفقر أمثل من العيش في غنى مع الخوف. وقال المسيح ع ليحذر من يستبطئ الله في الرزق ان يغضب عليه فيفتح الدنيا عليه وقال: أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى إذا سأله، وأقرب ما يكون إلى الناس إذا لم يسألهم. وقال ذو النون: إلهي كيف أحب نفسي وقد عصتك، وكيف لا أحبها وقد عرفتك. ويقال ما عفا من الذنب من قرع به. ثلاث من علامات الرقاعة: مداومة عشرة النساء، والدالة على السلطان، والقصص على الكراسي.
دعاء: اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى، ولا تقل لي منها فأنسى، اللهم اجعل لي في الخير حظا وجدا، ولا تجعل معيشتي ضنكا وكدا. قال حماد عن يونس وحميد قالا: لو أدرك أصحاب رسول الله ص الحسن لاحتاجوا اليه، والحسن ولد مملوكا، وهو مولى أمية بنت النضر عمة انس بن مالك، وكان اسم أبيه يسار وهو من سبي ميسان قيل لبعضهم: كيف أنت؟ قال: احمد الله إلى الناس، وأذم الناس إلى الله.
قال الحسن: يا ابن آدم شيبك يعظك، ومرضك ينذرك، فاسمع ممن يعظك واحذر ممن ينذرك. وقال يحيى بن معاذ: من شبع عوقب بثلاث عقوبات: يلقى الغطاء على قلبه، والنعاس على عينيه، والكسل على بدنه. دخل مكفوف على النبي ص فقال لمن حضره من نسائه قمن فقلن.
انه أعمى! فقال أ فعمي أنتن. كان رجلان يختلفان إلى مجلس يونس بن حبيب فغاب أحدهما فسال الآخر عنه، فقال مات! قال وما سبب موته؟
فقال كونه. وحكي عن أبي يزيد البسطامي انه لما حج لقيه بالبادية رجل اسود، فقال له. يا أبا يزيد إلى أين؟ قلت إلى مكة، فقال يا عجبا!
تركته ببسطام وجئت تطلبه بمكة؟ فبهت ثم التفت فلم أره. قال رجل لمحمد بن واسع أوصني فقال أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة!
قال الرجل: وكيف أكون ملكا؟ قال ازهد في الدنيا. وقال آخر: ما اصنع بدنيا ان بقيت لها لم تبق لي، وان بقيت لي لم ابق لها. وقال داود ع: لا تدعوا ربكم والخطايا بين أضلاعكم، ألقوها عنكم ثم ادعوه يستجب لكم. وقال الحسن رحمه الله: رحم الله امرءا كسب طيبا، وانفق قصدا، وقدم فضلا، ألا ان هذا الموت قد أضر بالدنيا وفضحها، ولا والله ما وجد ذو لب فيها فرحا، فإياكم وهذه السبل المفرقة التي جماعها الضلالة وميعادها النار، رحم الله امرءا نظر فتفكر وتفكر فاعتبر واعتبر فابصر وابصر فصبر، فقد أبصر قوم ثم لم يصبروا، فتمكن الجزع من قلوبهم فلم يدركوا ما طلبوا، ولم يرجعوا إلى ما فارقوا. قال رجل لبشر:
انك مهموم قال لأني مطلوب. قيل لملك وقد زال ملكه: ما الذي أزال ملكك؟ قال ثقتي بدولتي، واعجابي بشدتي، واستبدادي بمعرفتي، وتركي تعرف اخبار مملكتي. وقال معمر: أنهاكم عن الطعام الذي يفسد الذهن وينقص العقل، وكان لا يتعرض للباذنجان والبصل والباقلا والعدس والكزبرة. وقال إسماعيل بن غزوان: كل علم لا يكون في مغرس عقل، وكل بيان لا يكون في نصاب علم، وكل خلق لا يجري على عرق، فليس بذي ثبات. وقال آخر: إذا أردت لباس المحبة فكن عالما كجاهل.
وقيل: ليس الحكيم الكثير العلم ولكن الحكيم المنتفع بما يعلم. وقال بعض العلماء: من ازداد في العلم رشدا فلم يزدد في الدنيا زهدا، ازداد من الله بعدا. وقال: الحلم حلمان فأشرفهما حلمك عمن دونك، والصدق صدقان فأعظمهما صدقك فيما يضرك، والوفاء وفاءان فأسناهما وفاؤك لمن لا ترجوه ولا تخافه. وقال: ان استصغارك نعمتك يكبرها عند ذوي العقل، وسترك لها نشر عندهم، فانشرها بسترها وكبرها باستصغارها. قال بعضهم: العاقل خادم الأحمق ابدا، قيل: وكيف؟
قال: ان كان فوقه لم يجد من مداراته ابدا، وان كان دونه لم يجد من احتماله بدا وقالوا: احترس من ذكر العلم عند من لا علم له، وعند من لا يرغب فيه، فان ذلك أحرى ان يتخذه سلما إلى عداوتك. قال الفضل: لا يكون الرجل من الأبرار حتى يأمنه عدوه، ثم قال: هيهات ذهب هؤلاء كيف يأمنك عدوك وصديقك يخافك. سئل سفيان من