ومنها كتاب الديوان المعمور في مدح الصاحب المذكور لمهذب الدين محمد بن علي بن علي بن علي الحلي المزيدي المعروف بأبي طالب بن الخيمي. وفي روضات الجنات ذكروا في ترجمته أن له هذا الكتاب انتهى إلى غير ذلك.
خزانة كتبه جمع له في مدة وزارته وهي ثماني عشرة سنة وشهر من الكتب النفيسة ما لم يجمع لأحد من الوزراء بل الملوك قبله بحيث كانت حمل أربعمائة جمل أو أكثر وبذلك اعتذر إلى نوح بن منصور الساماني حين طلبه لوزارته كما مر وكان المتولي لها أبا محمد الخازن عبد الله بن الحسن الأصبهاني. وفي معجم الأدباء بعد نقل أن كتبه كانت حمل أربعمائة جمل أو أكثر قال: قال أبو الحسن البيهقي وأنا أقول بيت الكتب الذي بالري على ذلك بعد ما أحرقه منه السلطان محمود بن سبكتكين فاني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشرة مجلدات فان السلطان محمودا لما ورد إلى الري قيل له إن هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع فاستخرج منها كلما كان في علم الكلام وأمر بحرقه انتهى وهذه الكتب التي أحرقها محمود كانت في دولة بني بويه ودخلت فيها خزانة كتب الصاحب بل يدل كلام أبي الحسن البيهقي أن عمدتها تلك الخزانة والسعاية اليه بها وإحراقه بها تعد جريمة عظيمة وما ظنك بمكتبة يكون فهرستها عشرة مجلدات وقد ذكروا في ترجمة صاحب الأغاني أن الصاحب بن عباد كان في أسفاره وتنقلاته يستصحب حمل ثلاثين جملا من كتب الأدب ليطالعها فلما وصل اليه كتاب الأغاني لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه استغناء به عنها.
مشايخه قال اليافعي في تاريخه أخذ العلوم الأدبية عن ابن العميد وأحمد بن فارس اللغوي صاحب المجمل وغيرهما وفي معجم الأدباء روى ابن عباد وقال غيره سمع العلم والحديث من أبيه وجماعة وأخذ الأدب عن أبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي النحوي المشهور وعن أبي الفضل العباس بن محمد النحوي الملقب بعرام. ويقال ان كلا من ابن فارس والعباس تلمذ على أحمد بن أبي عبد الله البرقي صاحب كتاب المحاسن وأحد أجلاء رواة الشيعة وعلمائهم وأخذ الصاحب أيضا عن أبي الفضل بن العميد في الري الأدب والشعر والترسل وروى عن البغداديين والرازيين وأخذ عن أبي سعيد السيرافي وأبي بكر بن مقسم والقاضي أبي بكر بن كامل حين ورد بغداد مع الأمير أبي منصور بويه بن ركن الدولة كما مر وفي لسان الميزان أملى مجالس في أيام وزارته حدث فيها عن عبد الله بن جعفر بن فارس وأحمد بن كامل بن شجرة وغيرهما انتهى ويأتي عند ذكر أشعاره ما يدل على أنه تلمذ على أبي عمرو الصباع.
تلاميذه من تلاميذه الشيخ عبد القاهر الجرجاني العالم البياني المشهور ذكر ذلك الفاضل الجلبي في حاشية المطول وقال إن كتب الشيخ عبد القاهر مشحونة بالنقل عنه انتهى وفي لسان الميزان روى عنه أبو بكر بن المقري وهو من أقرانه والقاضي أبو الطيب الطبري وأبو بكر بن علي الذكواني وغير واحد انتهى ثم حكي عن ابن النجار أنه روى بسنده عن الصاحب حديثا قال في الكلام عليه قد شاركت فيه الطبراني. وقال الشهيد الثاني في شرح درايته عند ذكر طرق التحمل للحديث: وإذا عظم مجلس المحدث وكثر فيه الخلق ولم يمكن اسماعه للجميع تبلغ عنه مستمل روى سامع المستملي عن المملي عند بعض المحدثين لقيام القرائن الكثيرة بصدقه فيما بلغه في مجلس الشيخ عنه ولجريان السلف عنه فقد كان كثير من الأكابر يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى يبلغ ألوفا مؤلفة ويبلغ عنهم المستملون فيكتبون عنهم بواسطة تبلغهم وأجاز غير واحد رواية ذلك عن المملي وأكثر ما بلغنا عن أصحابنا أن الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد قدس الله سره لما جلس للاملاء حضر خلق كثير وكان المستملي الواحد لا يقوم بالاملاء حتى انضاف اليه ستة كل يبلغ صاحبه انتهى ومر أنه حدث وقعد للاملاء وحضر الناس الكثير عنده بحيث كان له ستة مستملين فجميع من حضر تلك المجالس هم تلاميذه.
مؤلفاته هو من أكثر الوزراء تصانيف ولا يخفى أن من يشتغل بأمر الوزارة الداخلية والخارجية والحربية وغيرها ويقود الجيوش ويفتح القلاع يضيق وقته عن التاليف والتصنيف ولكن الصاحب مع كل هذه المشاغل ألف المؤلفات العديدة وزاد على أستاذه ابن العميد في عدد المؤلفات ومؤلفاته استغرقت أكثر العلوم من الكلام واللغة والأدب والتاريخ والعروض والأخبار والاخلاق والنثر والنظم وهذا ما وصل إلينا من أسماء مؤلفاته.
1 كتاب الوقف والابتداء ألفه في عنوان شبابه فهو من أول مؤلفاته أو أولها وكان أبو بكر ابن الأنباري له كتاب في الوقف والابتداء فأرسل إليه أبو بكر يقول إنما صنفت في الوقف والابتداء بعد أن نظرت في نيف وسبعين كتابا تتعلق بهذا العلم فكيف صنفت هذا الكتاب مع حداثة سنك فقال الصاحب للرسول قل للشيخ: نظرت في النيف والسبعين التي نظرت فيها ونظرت في كتابك أيضا.
2 المحيط في اللغة قال ابن خلكان وصاحب كشف الظنون سبعة مجلدات كثير اللفظ قليل الشواهد وقال ياقوت في معجم الأدباء عشرة مجلدات مرتب على حروف المعجم انتهى يذكر فيه مثلا أولا: ذر ثم رذ ثم ذل ثم لذ يوجد منه مجلد في دار الكتب المصرية ومجلد في بعض مكاتب كربلاء.
3 كتاب أسماء الله تعالى وصفاته.
4 كتاب في علم الكلام ونقل أنه ذكر مبحث الإمامة هذه الكلمات في صفة أمير المؤمنين ع: صنوه الذي آخاه وأجابه حين دعاه وصدقه قبل الناس ولباه وهزم الشرك وأخزاه وبنفسه على الفراش فداه ومانع عنه وحماه وأرغم من عانده وقلاه وغسله وواراه وأدى دينه وقضاه وقام بجميع ما أوصاه ذلك أمير المؤمنين لا سواه انتهى وهذا الفصل يرشد إلى ما يقال من ايلاع الصاحب بالسجع.
5 ديوان رسائله عشرة مجلدات كما في معجم الأدباء وقال أبو حيان التوحيدي أنه كلف أن ينسخ من رسائل الصاحب ثلاثين مجلدة وهذا التفاوت لعله من تفاوت المجلدات في الصغر والكبر. ونسخة هذا الكتاب مفقودة إنما يوجد مختاره ولم يعلم جامعه وقد اختاره من جميع أبواب الديوان وهي عشرون بابا فاختار من كل باب عشر رسالات توجد من هذا المختار