تيمور وأبوه من الفدادين وقيل كان من الحشم الرجالة وقيل كان أبوه اسكافا وقيل أن والده كان أمير مائة عند السلطان مشهورا بالجلادة والشهامة ويمكن الجمع بين هذه الأقوال باعتبار اختلاف الزمان والأصح أن أباه ترغاي كان أحد أركان دولة السلطان انتهى وفي شذرات الذهب قيل أن والده كان اسكافا وقيل بل كان أميرا عند السلطان حسين صاحب مدينة بلخ وكان أحد أركان دولته انتهى ومن ذلك يعلم أن أقوال من قال أنه وأباه كانا من الفدادين وان أباه كان اسكافا يراد به التنقيض له و الغض منه كجملة من الأمور المسندة له مثل ما في عجائب المقدور وتبعه غيره من أنه كان في أول أمره يستعمل السرقة وانه سرق ليلة شاة فأحس به الراعي فرماه بسهم في كتفه وآخر في رجله فصار أعرج فإنه من هذا القبيل.
صفته في شذرات الذهب كان شيخا طوالا شكلا مهولا طويل اللحية حسن الوجه بطلا شجاعا جبارا ظلوما غشوما سفاكا للدماء مقداما على ذلك وكان أعرج وكان يصلي من قيام وكان جهوري الصوت انتهى، وفي البدر الطالع كان شيخا طويلا مهولا طويل اللحية حسن الوجه أعرج شديد العرج شلت رجله أوائل أمره ومع ذلك كان يصلي من قيام انتهى.
مجمل أحواله كان تيمور من عظماء الرجال وأهل الهمم العالية وممن ساعدهم الحظ في الدنيا فملك ملكا عظيما وفتح جل بلاد الشرق وألفت في سيرته الكتب المستقلة، وبالجملة كان من نوادر الدهر في كل أحواله. وفي الشذرات كان يسلك الجد مع القريب والبعيد ولا يحب المزاح ويحب الشطرنج وله فيه يد طولى وزاد فيه جملا وبغلا وجعل رقعته عشرة في أحد عشر وكان ماهرا فيه لا يلاعبه فيه إلا الأفراد وكان يقرب العلماء والصلحاء والشجعان والأشراف وينزلهم منازلهم ولكن من خالف أمره أدنى مخالفة استباح دمه وكانت هيبته لا تدانى بهذا السبب وكان من أطاعه في أول وهلة أمن ومن خالفه أدنى مخالفة وهن، وكان له فكر صائب ومكايد في الحروب وفراسة قل أن تخطئ وكان عارفا بالتواريخ لادمانه على سماعها لا يخلو مجلسه عن قراءة شئ منها لا سفرا ولا حضرا وكان مغرى بمن له صناعة ما إذا كان حاذقا فيها وكان أميا لا يحسن الكتابة وكان حاذقا باللغة الفارسية والتركية والمغلية خاصة وكان يقدم قواعد جنكيز خان ويجعلها أصلا وكان له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها والتي لم يملكها وكانوا ينهون اليه الحوادث الكائنة على جليتها ويكاتبونه بجميع ما يروم فلا يتوجه إلى جهة الا وهو على بصيرة من أمرها وبلغ من دهائه أنه كان إذا قصد جهة جمع أكابر الدولة وتشاوروا إلى أن يقع الرأي على التوجه في الوقت الفلاني إلى الجهة الفلانية فيكاتب جواسيس تلك الجهات فيأخذ أهلها حذرهم ويأنس غيرها فإذا ضرب بالنفير وأصبحوا سائرين ذات الشمال عرج بهم ذات اليمين فلا يصل الخبر الثاني إلا وقد دهم الجهة التي يريد وأهلها غافلون انتهى وفي البدر الطالع انه دوخ الممالك واستولى على غالب البلاد الاسلامية بل والعجم وجميع ما وراء النهر والشام والعراق والروم والهند وما بين هذه الممالك. قال وقد وصف ابن عربشاه من عجائب تيمور وغرائبه ما ينبهر له كل من وقف عليه ويعرف مقدار هذا الملك الذي لم يأت قبله ولا بعده مثله فان جنكيز خان ملك التتار لم يباشر ما باشر هذا ولا بعضه وأما هذا فهو المباشر لكل فتوحاته المدبر لجميع معاركه ولقد كان من أعاجيب الزمن في حركاته وسكناته، ثم قال وكانت له همة عظيمة لم يبلغ إلى سموها همة ملك من الملوك من جميع الطوائف فإنه ما زال يفتح البلاد ويقهر الملوك ويستولي على الأقاليم منذ قيامه في بلاده واستيلائه على مملكة أرضه إلى أن مات وناهيك انه مات في الغزو ولم يصده عن ذلك كثرة ما قد صار بيده من الممالك ولا كفاه ما قد استولى عليه من الأراضي التي كانت قائمة بعدة ملوك هم تحت ركابه ومن جملة خدمه. وكان يجمع العلماء ويأمرهم بالمناظرة في مقامه ويسائلهم وبالجملة كان من الغرائب البارزة إلى العالم الدالة على القدرة الإلاهية وانه يسلط من يشاء على من يشاء انتهى وفي عجائب المقدور كان تيمور في أول أمره شابا حديدا جلدا وكان لا يعجبه العجب ولا يستهويه اللهو والطرب وكان ابنه ميران شاه عنده رجل اسمه القطب الموصلي ماهر في الموسيقي وله فيه مصنفات وكان ميران شاه به مغرما وجرى بين القطب وبين الأستاذ عبد القادر المراغي مباحثات فقال تيمور ان القطب أفسد عقل ميران شاه كما أفسد عبد القادر أحمد ابن الشيخ أويس انتهى وفي التاريخ الفارسي الآنف الذكر ما تعريبه الباب الرابع في ذكر الأمراء التيمورية وأولهم السلطان صاحب قران الأمير قطب الدين تيمور الكركاني وهذا كان ملكا عظيم الشأن وخسرو صاحب قران وأكابر المؤرخين يعدونه في الفتوحات والصولة والشجاعة وغيرها نظير الإسكندر وجنكيز خان وقد ألفت في بيان أحواله وأوصافه ومآثره ووقائعه وفتوحاته كتب عديدة منها كتاب ظفر نامه المشهور بالتاريخ التيموري من مصنفات أفصح المؤرخين مولانا شرف الدين علي اليزدي انتهى وفي خطط الشام رأس أبوه قبيلة برلاس التركية وحكم ولاية كش وقد تيتم صغيرا وسلبه جيرانه امارته فتوسل تيمور إلى أمير بلاد كشغر ملك الجغتاي فانعم عليه بولاية ما وراء نهر جيحون ثم نزع يده من يد أمير كشغر وانضم إلى عمه حسين ولما ماتت زوجته أصبح تيمور في حل من أمره وداهم حسينا وتغلب عليه واستولى على بلخ فأصبح ملكا على بلاد الجغتاي كلها انتهى والصواب انه لم يتيتم صغيرا فقد كان سنه عند وفاة أبيه 16 سنة أو 24 سنة كما يعلم من تاريخ مولده وتاريخ وفاة أبيه السابقين، وفي الخطط أيضا انجد تيمور أحد الخانات على أوروس خان ملك قسم من بلاد روسيا الجنوبية الشرقية ثم فتح خراسان وهراة وطوريس وقارص وتفليس وشيراز وأصفهان وكشغر ومازندران والعراق بأسره ودخل الهند فنازل مملكة المسلمين حتى غلب عليها وفتح أفغانستان وجلب من الهند إلى بلاده المهندسين والنقاشين، ثم حارب السلطان بايزيد العثماني سنة 805 الصواب 804 وغلبه ووضعه في قفص من حديد وباستيلائه على أزمير اضطر إمبراطور القسطنطينية ان يؤدي إليه الجزية، وخرب عاصمتي الشام حلب ودمشق، وكان ملوك أوروبا يخافونه وكثيرا ما أرسلوا الوفود لتهنئته بانتصاراته.
حالة الدولة الجنكيزية قبل ظهور تيمور في التاريخ الفارسي انه في الوقت الذي توفي فيه والد تيمور وهو سنة 652 كان السلطان قزان خان من نسل جغتاي خان ملكا في بلاد ما وراء النهر وبسبب ظلمه وشراسته خرج عليه الأمير قزغن أحد الأمراء العقلاء أهل الأخلاق الحسنة وفي سنة 747 خلعه من السلطنة وصارت دولة الخوانين الجنكيزية ضعيفة جدا وغلب عليها الأمراء وصاروا هم الذين يعزلونهم وينصبونهم ومملكة ما وراء النهر بيمن معدلة الأمير قزغن صارت