فدلتني جملته على بقايا في البدن يحتاج معها إلى الصبر على التنقية والرفق بالتصفية فاما الذي يشكو من ضعف معدته وقلة شهوته فلأمرين أحدهما:
ان الجسم كما قلت آنفا لم ينق فتنفتق الشهوة الصادقة وترجع العادة السابقة.
والآخر: ان المعدة إذا دامت عليها المطفيات ولزت بها المبردات، قلت الشهوة وضعف الهضم ومع ذلك فلا بد مما يطفي ويغذي، ثم يمكن من بعد أن يتدارك ضعف المعدة بما يقوي منها ويزيل العارض المكتسب عنها.
كما يقول الفاضل جالينوس: قدم علاج الأهم ثم عد وأصلح ما أفسدت والأقراص في آخر الحميات خير ما نقيت به المعدة وأصلحت به العروق وقوي به الطحال ليتمكن من جذب العكر لا سيما والذي وجده مولاي ليس الذنب فيه للحميات التي وجدها والبلدة التي وردها، فلو صادف الهواء المتغير جسدا نقيا من الفضول لما أثر هذا التأثير ولا طول هذا التطويل وإنما اغتر مولاي بأيام السلامة فكان يتبسط في أنواع الطعام ويسرف فيتناول الشراب فامتلأ الجسم من تلك الكيموسات الرديئة، وورد بلدا شديد التحليل، مضطرب الأهوية فوجدت النفس عونا على حل ما انعقد ونقض ما اجتمع وسيتفضل الله بالسلامة فتطول صحبتها وتتصل مدتها لأن الجسد يخلص خلاص الإبريز إذا زال عنه الخبث وسبك ففارقه الدرون وأما الرعشة التي يتألم مولاي منها ويضيق صدرا بها فليست والحمد لله محذورة العاقبة وإنها لتزول باقبال العافية فالرعشة التي تتخوف هي التي تعرض من ضعف القوة الحيوانية كما تعرض للمشائخ، وتؤذي لمشاركتها الدماع كثيرا من العظام، فاما هذه التي تعتاد عقيب الحمى فهي على ما قال جالينوس من أن حدوثها يكون إذا شاركت العروق التي تحدث فيها علة العصب وتزول بزوال الفضل وعجب مولاي من تكرهه شم الفواكه ولا غرو إذا عرف السبب، فان العفونة التي في العروق قد طبقت روائحها آلات الشم فما يصل إليها من الروائح الزكية يرد على النفس مغمورا بتلك الروائح الخبيثة فتكرهها ولا تقبلها وتأباها ولا تؤثرها، ألا يرى مولاي أن الأشياء الحلوة توجد في فم ذي الصفراء بطعم الأشياء المرة لامتلاء المرارة المضادة للحلاوة على آلات الذوق والمضغ والإدارة وهذا راجع إلى مثل ما حكمنا به أولا من أن هناك فضلا لا يمكن الهجوم على تحليله لما يخشى من سقوط القوة وإن كان مما لم يخرج لم يوثق بوفور الصحة وأنا أحمد الله إذ ليست شهوة سيدي متزايدة فالشهوة الغالبة مع الأخلاط الفاسدة تغري صاحبها بالأكل الزائد وتعرض للمزاج الفاسد إلا أن التغذي لا يجوز إهماله دفعة والتبرم به ضربة، فان البدن إذا احتاج اليه وجب للعليل أن يتناوله تناول الدواء الذي يصبر عليه، وذلك أن في دقة الحمية وترك الرجوع أول فأول إلى إعادة الصحة إماتة للشهوة وخيانة للقوة، وجالينوس يشرط في العلاجات أجمع استحفاظ القوى لأن الذي يفعله الضعف لا يتداركه أمر إلا أن ذلك بإزاء ما قال الحكيم الأول بقراط في البدن السقيم أنك متى ما زدته غذاء زدته شرا وهو في نفسه يقول إن الحمية التي في غاية الدقة ليست بمحمودة فالطرفان من الاسراف والاجحاف مذمومان والواسطة أسلم. أغنى الله مولاي عن الطب والأطباء بالسلامة والشفاء انتهى.
شعره الصاحب مجود في شعره كما هو بارع في نثره وقلما يكون الكاتب جيد الشعر ولكن الصاحب جمع بينهما. ونحن نذكر أولا طرفا من شعره في أهل البيت ع ثم طرفا من سائر شعره.
شعره في أهل البيت ع له في مدح أمير المؤمنين ع سبع وعشرون قصيدة كل قصيدة أخلى منها حرفا من الحروف وبقيت عليه خالية الواو فأكملها سبطه وجعلها في مدحه وقصيدته الخالية من حرف الألف تبلغ ستين بيتا أولها:
قد ظل يجرح صدري * من ليس يعدوه فكري ولعله أخذ هذه الطريقة من واصل بن بعطاء الذي كان يلثغ بالراء فأخلاها من كلامه حتى قال فيه الشاعر:
نعم تجنب لا يوم العطاء كما * تجنب ابن عطاء لفظة الراء هذا غير ما له فيه ع وفي أولاده من الشعر الكثير.
فمنه قوله برواية الشريف المرتضى في الأمالي:
لو شق عن قلبي يرى وسطه * سطران قد خطا بلا كاتب العدل والتوحيد في جانب * وحب أهل البيت في جانب وله كما في المناقب:
حب علي بن أبي طالب * أحلى من الشهدة للشارب لا تقبل التوبة من تائب * لا بحب ابن أبي طالب أخي رسول الله بل صهره * والصهر لا يعدل بالصاحب يا قوم من مثل علي وقد * ردت عليه الشمس من غائب وله:
حب علي بن أبي طالب * فرض على الشاهد والغائب وأم من نابذه عاهر * تبذل للنازل والراكب وقوله برواية صاحب اليتيمة وصاحب معاهد التنصيص:
حب علي بن أبي طالب * هو الذي يهدي إلى الجنة إن كان تفضيلي له بدعة * فلعنة الله على السنة ومنه قوله:
يقولون لي ما تحب النبي * فقلت الثرى بفم الكاذب أحب النبي وآل النبي * واختص آل أبي طالب وقوله برواية الشيخ أبي الفتوح الرازي المفسر المسندة:
أبا حسن لو كان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها وكيف يخاف النار من كان موقنا * بأنك مولاه وأنت قسيمها ومر في أول الترجمة ما كان نقش خاتمه برواية أبي الفتوح الرازي وله نقش آخر برواية صاحب المناقب:
شفيعي إلى الله قوم بهم * يميز الخبيث من الطيب بحبهم صرت مستوجبا * لما ليس غيري بمستوجب وقوله برواية صاحب المناقب:
قد... من ال... تيم و عدي ومن الشيخ... ال... الأموي أنا لا أعرف حقا غير ليث بالغري وثمان بعد شبليه ومختوم محجوب خفي