صمصام الدولة بالفتح فانفذ فراشا فقتل اثنين من أولاد بختيار وانفذ الباقين إلى قلعة الجنيد فاعتقلوا فيها. وقال في حوادث سنة 388 أشار على صمصام الدولة المرزبان بن عضد الدولة نصحاؤه بعرض الديلم في جميع الاعمال واسقاط كل من لم يكن صحيح النسب فاسقط منهم بسبب ذلك مقدار ألف رجل واتفق ان أبا القاسم اسبام المترجم واخا أبا نصر شهفيروز ولدي بختيار كانا مقبوضين فخدعا الموكلين بهما في القلعة فأفرجوا عنهما فجمعا جمعا من الأكراد وأتاهما الذين أسقطوا من الديلم وسار أبو القاسم اسبام إلى ارجان فملكها ودفع أصحاب صمصام الدولة عنها وتحير صمصام الدولة في امره ثم إن أبا نصر قتل صمصام الدولة وملك هو واخوه أبو القاسم المترجم بلاد فارس وكتبا إلى أبي علي الحسن بن أستاذ هرمز بالخبر ويذكران سكونهما اليه وتعويلهما عليه ويبسطان أمله كما يفعله مبتدئ بملك يروم احكام قواعده ويأمر انه باخذ البيعة لهم على الديلم قبله فخافهما لما كان اسلف اليهما من قتل أخويهما رأى أن الدخول في طاعة بهاء الدولة أصوب فجمع وجوه الديلم وشاورهم فأشاروا بالانحياز إلى ابني بختيار فلم يوافقهم وقال إن وراثة هذا الملك قد انتهت إلى بهاء الدولة فامتنعوا ثم ارسل إلى أبي علي بن إسماعيل وزير بهاء الدولة يطلب منه شرابا عتيقا للدواء فقال لبهاء الدولة انه ما طلب منا شرابا ولكنه أراد ان يفتح لنا في مراسلته بابا فأرسل اليه بهاء الدولة انك كنت أنت والديلم معذورين قبل اليوم في محاربتي حتى كانت المنازعة في الملك بيني وبين أخي فاما الآن فقد حصل ثاري وثاركم في أخي عند من سفك دمه فلا عذر لكم في القعود عني فاجابه ابن أستاذ هرمز بعد السمع والطاعة ان الديلم مستوحشون وانه مجتهد في رياضتهم وارسل إلى بهاء الدولة ان يعطيهم ما يسكنون اليه فاجابه بالقبول وحضر جماعة من وجوههم إلى بهاء الدولة فحلف لهم فدخلوا في طاعته وسار اليه ابن أستاذ هرمز واختلط العسكران وسار أبو علي بن إسماعيل إلى شيراز فنزل بظاهرها وخرج اليه ابنا بختيار فحارباه فتضعضع ابنا بختيار في اليوم الأول ومال بعض من معهما إلى بهاء الدولة وغدر بهما كثير من الغلمان ودخلوا البلد ونهبوا بعضه ونادوا بشعار بهاء الدولة وعادت الحرب في اليوم الثالث فلم يمض من النهار بعضه حتى استأمن الديلم إلى أبي علي وهرب ابنا بختيار فلحق أبو نصر بلاد الديلم ومضى أبو القاسم اسبام إلى بدر بن حسنويه ثم انتقل من عنده إلى البطيحة انتهى. 785:
أبو جعفر أستاذ هرمز بن الحسن الديلمي.
توفي سنة 406 عن 105 سنين.
قال ابن الأثير كان أبو جعفر أستاذ هرمز من حجاب عضد الدولة وفي ذيل تجارب الأمم في حوادث سنة 374: كان المتولي بعمان في هذا الوقت أبو جعفر أستاذ هرمز من قبل شرف الدولة فما زال ابن شاهويه يفتل له في الذروة والغارب حتى اماله عن شرف الدولة إلى صمصام الدولة وساعد على ذلك ان ولده أبا علي الحسن بن أستاذ هرمز كان ببغداد عند صمصام الدولة فجمع أستاذ هرمز الناس بعمان على طاعة صمصام الدولة، وخطب له على منابرها، فسر صمصام الدولة بذلك وانفذ إلى أستاذ هرمز العهد بالتقليد مع الخلع والحملان، فأرسل شرف الدولة اليه جيشا مع أبي نصر خواشاذه، فوقعت الغلبة على أستاذ هرمز واخذ أسيرا.
واستولى أبو نصر على رجاله وأمواله وعاد إلى فارس ومعه أستاذ هرمز فشهره بها ثم قرر عليه مالا ثقيلا وحمل إلى بعض القلاع مطالبا بأدائه ثم ذكر في حوادث سنة 381 ان خلف بن أحمد المعروف بابن بنت عمرو بن الليث الصفار صاحب سجستان كان قد ورد العراق في أيام معز الدولة وخلع عليه بالحضرة الخلع السلطانية لولاية سجستان وكان عضد الدولة قرر معه هدنة فلما توفي عضد الدولة تحدثت نفس خلف بالغدر ثم أحجم فلما توفي شرف الدولة وملك صمصام الدولة فارس ووقع الخلف بينه وبين بهاء الدولة قوي طمعه وجهز جيشا مع عمرو ابنه إلى كرمان فملكها ثم جهز صمصام الدولة عسكرا مع العباس بن أحمد الحاجب فانهزم عمرو بن خلف وعاد إلى سجستان وذلك في المحرم سنة 382 فلما دخل إلى أبيه قيده وحبسه ثم قتله بين يديه وغسله وصلى عليه ودفنه ووصل أبو علي الحسن بن أستاذ هرمز إلى فارس فشرع في انفاذ أبيه أستاذ هرمز إلى كرمان فتوجه إليها واستعيد العباس فلما بلغ ذلك خلف بن أحمد وجم لهذا الخبر ورأى أنه قد رمي بحجره حين لا قدرة له على الدفع لتمزق رجاله واضطراب حاله وعلم أنه متى قصده في عقر داره وهو على هذه الصورة غلبه فعمد إلى الحيلة وكتب كتابا غير معنون أقام فيه العذر لنفسه وجعل حجته في نقض الهدنة العضدية اختلاف صمصام الدولة وبهائها ومن شروط الهدنة انها منتقلة إلى أولادهما ما لم يختلفوا وانه متى استؤنف معه الصلح أجاب اليه فلم قرئ الكتاب على أستاذ هرمز أجاب إلى الصلح وكتب بينهم بذلك كتاب واتصلت المهادات والملاطفة بين الجهتين وخلف في أثناء ذلك يستعد فلما قويت شوكته نقض العهد واظهر كتاب المعتضد ببلاد كرمان اقطاعا لجده عمر بن الليث الصفار. وكان بسجستان قاض يعرف بأبي يوسف البزاز مقبول القول بين الرعية يعظمونه غاية الاعظام فأرسله خلف إلى أستاذ هرمز وارسل معه رجلا من الصوفية يعرف بالحلبي كالمؤانس له وأعطى الصوفي سما ليقتله في طعام يحمل اليه من دار أستاذ هرمز لينسب الناس قتله اليه ورتب للصوفي جمازات بين بم وسجستان وقال له إذا قضيت الإرب فاهرب فتوجه أبو يوسف غافلا عما يراد به ووصل إلى أستاذ هرمز وهو ببم فأكرمه فأشار الصوفي على أستاذ هرمز باستدعاء أبي يوسف إلى طعامه ليشاهد فضل مروءته فيتحدث به في بلده ففعل وأفطر عنده في بعض ليالي شهر رمضان واتخذ الصوفي شيئا كثيرا من القطائف فمنه ما عمله على عادة أهل سجستان ومنه على رسم أهل بغداد وجعل السم في البغدادي فلما انصرف أبو يوسف من دار أستاذ هرمز سأله الصوفي عما شاهده فما زال يذكر شيئا شيئا حتى ذكر القطائف فوصف أبو يوسف جودة ما احضر منه فقال الصوفي ما أظن القاضي أكل مما يصلح عندنا في العراق وقد عملت منه شيئا ليأكله ويعلم ان لبغداد الزيادة على كل بلد وقام واحضر المسموم فاستدعى أبو يوسف جماعة من أصحابه ليأكلوا معه فقال له الصوفي هذا شئ نجب ان يتوفر عليك وقد عملت لأصحابنا ما يصلح لهم واحضر ما كان عمله على عادة أهل سجستان ودعا القوم اليه واكل أبو يوسف من المسموم وامعن فيه وخرج الصوفي وركب جمازة معدة بباب البلد ودخل المفازة متوجها إلى سجستان ونام أبو يوسف فما مضت ساعة حتى عمل فيه السم ومات وطلب الصوفي فلم يوجد، وعرف أستاذ هرمز الخبر فقلق لأجله ثم رأى كتمان الامر وأحسن إلى أصحاب أبي يوسف وأعادهم موفورين، ووصل الصوفي إلى خلف واخبره فأمره ان يقول في مجمع من الناس ان أستاذ هرمز غدر بأبي يوسف وسمه وقتله وأراد ان يفعل بي مثل ذلك فهربت وقد نقض العهد وعزم على المسير إلى هذه البلاد فأجهش خلف بالبكاء وقال: وا أسفاه على القاضي الشهيد، ونادى بالنفير لغزو كرمان