وقالت الشافعية: إن زال الملك بعوض، فقولان:
أحدهما: له الأرش؛ لتعذر الرد، كما لو مات العبد أو أعتقه، وهذا تخريج ابن سريج. وعلى هذا لو أخذ الأرش ثم رده عليه مشتريه بالعيب، فهل يرده مع الأرش ويسترد الثمن؟ وجهان.
والثاني - وهو الصحيح عندهم، وهو منصوص الشافعي -: أنه لا يرجع بالأرش. وفي تعليله خلاف (1).
قال أبو إسحاق وابن الحداد: لأنه استدرك الظلامة ببيعه وروج العيب كما روج عليه (2).
وقال ابن أبي هريرة: لأنه ما أيس من الرد فربما يعود إليه ويتمكن منه، فلم يكن له الرجوع بالأرش، كما لو قدر على رده في الحال.
وأجابوا عن الأول: بأنه لم يستدرك ظلامته، بل غبن المشتري في البيع. ولأنه لم يحصل له استدراك الظلامة من جهة من ظلمه، فلا يسقط حقه بذلك (3).
والصحيح عندنا ما قلناه من أن له الرجوع بالأرش - قال أصحاب مالك: وهذا هو الصحيح من مذهب مالك (4) -؛ لأن البائع لم يغرمه ما أوجبه العقد، فكان له الرجوع عليه كما لو أعتقه أو كاتبه. ولأنه عندنا يتخير المشتري مطلقا بين الرد والرجوع بالأرش مع عدم التصرف، ومعه يثبت له الأرش لا غير.
وكونه لا ييأس من الرد، فأشبه ما إذا كان قادرا على الرد لا يسقط حق المشتري من طلب الأرش عندنا.