والسر هو أن الضمان هنا أي الضمان بالأرش ليس هو ضمان اليد بحيث يكون ذلك بمقتضى اليد التي ثبتت على مال الغير وتلفت تحتها، كما إذا أخذ دابة أحد بغير إذنه وكسر رجله أو متاعه فأتلفه فإن الضمان هنا ضمان يد، فلا بد وأن يخرج التالف عن عهدة للمتلف، فيقوم ذلك وتؤخذ منه القيمة الواقعية، وفي فرض التعيب يؤخذ منه التفاوت بين الصحيح والمعيب بحسب القيمة الواقعية، فإن المال على قيمته الواقعية داخلة تحت ضمان اليد فيخرج من عهدته.
وليس ذلك الضمان ضمان المعاوضة أيضا بأن يكون ذلك مضمونا بحسب المعاملة أيضا، كما إذا اشترى عشرة أمنان من الحنطة كلية وأسلم البايع تسعة أمنان، فإن منا واحدا هنا مضمون على البايع ضمان معاملة فلا بد له من تسليمه، إلا إذا كان المبيع شخصيا فإنه لا يلزم تسليمه، فإن الموجود الخارجي الشخصي الذي هو مبيع قد باعه البايع بما أنه عشرة أمنان فظهر تسعة، فيكشف من ذلك عدم وجود المبيع أصلا بالنسبة إلى من واحد، وهكذا في كل مورد يكون جزء من المبيع ناقصا، فإن ضمان البايع لذلك ضمان معاملي، أي بحسب اقدامه على بيع ذلك صار ضامنا له.
وأما عدم كون ضمان الأرش ضمان يد فواضح، لعدم دخوله تحت ضمان البايع باليد بحيث يكون المبيع ملكا للمشتري وأخذه البايع عدوانا وأوجب نقصا فيه ليكون ضامنا حسب ضمان اليد، وأنها عدم كونه من قبيل ضمان المعاوضة فلعدم كون الوصف مقابلا بالمال حتى يكون البايع ضامنا ضمان معاملي مع ظهور المبيع فاقدا للوصف، بل الضمان هنا نحو آخر غيرهما فهو في حكم ضمان المعاملي، فإن غاية ما يستفاد من هذه الأخبار أن وصف الصحة بمنزلة الجزء الذي يقابل بالمال