ومن هنا لم يذهب أحد إلى ذلك، وإن كان ظاهر الأخبار بحسب النظرة الأولى يساعد على الاحتمال الثاني ولكن يزول بالتأمل فيها، فإن المفروض في هذه الأخبار عدم وجود الخلل في المعاملة من غير جهة العيب كالغبن ونحوه، فتكون المعاملة المفروض فيها كون المبيع معيبا محمولة على المعاملة المتعارفة، وهي أن يكون ذلك بثمن متعارف، فإذا كان هنا أرش فنسأل عن حكم ما يكون الثمن فيه قليلا، بأن اشترى المشتري المبيع الذي يسوى بخمسين بخمسة كما يتفق ذلك أحيانا، أو اشتراه بثمن متعارف ولكن ترقي وكان بقيمة أغلى إلى زمان ظهور العيب.
فإن قلنا بكونه خارجا عن حدود هذه الأخبار بحيث لم نلتزم بالأرش هنا، وقلنا إن الأرش إنما هو في المعاملات المتعارفة لكون الأخبار ناظرة إلى حكمها فهو بعيد فلا يمكن الالتزام به، وإن قلنا إن الأخبار إنما هي تبين حكم المعاملات المتعارفة من جهة كونها هي الغالب لا أنها مختصة بها، بل هي تبين الميزان الكلي في جميع المعاملات فالمعاملات الغير المتعارفة أيضا على حسب المعاملات المتعارفة، فيكون المناط فيها هو ملاحظة أصل الثمن وأخذ التفاوت بالنسبة إلى أصل الثمن بحسب نسبة التفاوت إلى القيمة الواقعية.
وعلى الجملة المفهوم من هذه الروايات هو الرجوع إلى التفاوت بين الصحيح والمعيب بحسب أصل ثمن المعاملة، نسبة التفاوت إلى الصحيح والمعيب إلى القيمة الواقعية، على أنه هو المشهور بين الأصحاب بل لم يذهب إلى الاحتمال الرجوع إلى التفاوت بحسب القيمة الواقعية أحد.