وقد وجهوا ذلك بوجوه لا يمكن المساعدة عليها، فإن من جملة الوجوه: إن مادة الجذام يمكن أن تكون سابقة على البيع وتكون متكونة في ملك البايع، وحينئذ يصح الرد إليه ولا ينعتق على المشتري، ولكنه فاسد من جهة أنه يمكن أن يكون الجنون أمرا عارضيا من جهة الوقوع من شاهق ونحوه بحيث يكون لخلل في رأسه فيظهر له الجنون.
والتحقيق: أن الروايات هنا متعارضة، فإن أمكن الجمع الدلالي فهو وإلا فلا بد وأن يرجع إلى قواعد المعارضة، وذلك من جهة أن هذه الروايات المستفيضة إنما تدل على أن الجذام من عيوب السنة ترد به الجارية، ورواية السكوني دلت على أن الجذام يوجب العتق (1)، فمع قطع النظر عن القرائن الخارجية فتلك الروايات المستفيضة تقدم على رواية السكوني للاطمئنان بصدور بعضها، مع كون رواية السكوني ضعيفة (2)، ولكن حيث كان الحكم بالعتق مما تسالم عليه الأصحاب فيطمئن به الانسان باعتبار رواية السكوني.
فمقتضى الجمع بينها هو تقييد رواية السكوني بهذه الروايات المستفيضة التي ذكر فيها الجذام، فتكون النتيجة أن المملوك إذا حدث فيه الجذام ينعتق إلا في صورة اشترائه من الغير فإنه لا ينعتق إلى سنة بل يجوز له رده إلى بايعه.
ثم إنه هل هذا الحكم مختص بالسنة بحيث لو لم يرده إلى بايعه حتى خرجت السنة فلا ينعتق عليه أن ينعتق بعد خروج السنة؟