وكيف كان، فالحاصل أن السجود الواجب الخاص فعل واحد، وليس مشتملا على واجبين ينفك أحدهما عن الآخر، نعم هو مركب عقلي من المطلق والخصوصية، وهو لا يوجب تعدد واجب الصلاة، فإن المعيار في تعدد الواجب تعدده خارجا، والمراد بأجزاء الصلاة التي تقدح زيادتها هي الخارجية دون العقلية، وأما وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه لطهارته وكونه من الأرض، فهو أمر خارج عن حقيقة السجود، بل هو من شروط المسجد كطهارة مكان المصلي على القول به، وليس واجبا من واجبات الصلاة أيضا، لعدم كونه فعلا خارجيا من أفعال الصلاة، وإنما هو شرط من شروط المكان الخاص أعني مكان الجبهة، ولذا ذكر ذلك الفقهاء في مقدمات الصلاة، فإذا وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه فقد أتى بحقيقة السجدة، ووجوب وضعه على ما يصح إنما هو لتحصيل شرط المسجد، فهذا الوضع الثاني ليس محصلا لمفهوم السجود، وإنما هو محصل لخصوصية الوضع الحاصل أولا الذي هو السجود.
والفرق بين الوضع الثاني المحصل لتساوي المسجد والموقف، والوضع الثاني المحصل لكون السجود على ما يصح السجود عليه - في كون الأول محصلا للسجود الصلاتي بعد أن لم يحصل، وكون الثاني محصلا لشرطه بعد حصوله - هو أن الوضع الثاني في الأول موجد لهيئة أخرى لأصل الانحناء السجودي، فهو صورة أخرى من صور الانحناء غير الحاصلة أولا التي لم يكن هي الفعل المأمور به في الصلاة، بخلاف الوضع الثاني في الثاني، فإنه ليس موجدا لهيئة أخرى، بل هو نفس ذلك الفعل الأول وإنما تفاوت بصفة المسجد، فنسبة الوضع الثاني في الأول إلى السجود كنسبة الانحناء الزائد على مسمى الانحناء إلى الركوع، حيث إنه محصل لأصل فعل الركوع، ونسبة الوضع الثاني في الثاني