فهو لا يوجب وجوب الاقتصار فيها على القدر المتيقن، لأن هذه الأحكام كلها متفرعة على امتثال الأمر بالجماعة وإحراز صحتها من حيث إسقاطها للأمر المتعلق بها، فإذا حكمنا بحصول الامتثال بها بالإتيان بما علم اعتباره فيها ودفع ما شك في اعتباره بأصالة البراءة أو بالعدم فقد حصل الجماعة الصحيحة من حيث التكليف، ويترتب عليها ما يترتب على الجماعة الواقعية من الأحكام والآثار.
ألا ترى أن إحراز صحة الصلاة بدون السورة ولو بضميمة أصالة البراءة يكفي في ترتيب الأحكام الوضعية الثابتة للصلاة عليها، مثل حصول القبض في وقف المسجد بها، أو استحقاق المؤجر نفسه للصلاة للأجرة، وغير ذلك من الأحكام المترتبة على الصلاة الواقعية.
نعم، لو كان هنا أحكام متفرعة على ذات الصلاة من حيث هي مع قطع النظر عن تعلق الأمر بها ووقوعها في مقام الامتثال - حتى يكون الأمر المتعلق بها في عرض تلك الآثار ومن جملتها - لم يكف إجراء البراءة في شرائطها واجزائها في مقام الامتثال لإثبات الأحكام الأخر.
هذا كله مضافا إلى أن ما ذكر لا يجري في الجماعة الواجبة كما في الجمعة، إذ لا توقيفية في جماعتها زيادة على توقيفية نفس الصلاة، إذ أحكام الجماعة فيها من سقوط القراءة ونحوها مأخوذة في أصل الصلاة، وليست أصالة وجوب القراءة وعدم سقوطها جارية فيها، بل وضعها على عدم القراءة فيها وعدم قدح زيادة الركن لمتابعة الإمام، فكلما شك في شرطية شئ للجماعة فيها فهو شك في شرطية ذلك الشئ في نفس الصلاة، إذ الجماعة شرط لها، والشك في شرط الشرط شك في الشرط، فافهم.