ابن عمرو لم يكن زيدا يصدق أنه أهانه بالقصد، ومثل هذا القصد التبعي كاف في صحة الاقتداء، إذ لا دليل على اعتبار أزيد من أن الاقتداء بشخص لا يصح إن وقع مجردا عن القصد المطلق.
ومن هنا يظهر بطريق الأولوية أن الوجه فيما ذكروه (1) - من أنه إذا اقتدى بالشخص الحاضر على أنه زيد فبان عمروا بني على ترجيح الإشارة أو الاسم - هي الصحة، لعدم تجرد الاقتداء بالشخص الحاضر عن القصد، ولو قلنا في المسألة السابقة بالبطلان كان المتجه هنا - أي في مقام تعارض الإشارة مع الاسم - هي الصحة أيضا، نظرا إلى أن مقتضى القاعدة في تعارض الإشارة مع الاسم أو الصفة تقديم الإشارة، حيث إن المقصود بالموضوعية هو مدلول الإشارة، وإنما يذكر الاسم أو الوصف من باب القرينة المبينة للمشار إليه، الذي عينه المتكلم عند التلفظ بالإشارة، بل قبله، وليس مذكورا لأن يكون موضوعا للحكم ومتعلقا له، لكن هذا مقتضى ترك الإشارة مع الاسم، أو الوصف المذكور بعده.
وأما الأمر المخطر بالبال مع كون المذكور بعد الإشارة جزئيا حقيقيا - لا مثل هذا الرجل وهذا العالم ونحوه - فلا تجري فيه القاعدة المذكورة، لأن المخطر بالبال بعد الإشارة ليس من قبيل القرينة المبينة حتى تكون الإشارة ممحضة للموضوعية كتمحض ما بعده للقرينية، إذ لا محاورة هناك مع الغير، وحينئذ فيتجه التفصيل بين ما إذا قصد أولا وبالذات الاقتداء بالشخص الحاضر، وإنما عنونه بكونه زيدا لاعتقاد أنه زيد فيصح الاقتداء،