ولكل فرقة رؤساء وكان تيمور مع ابهته يخافهم فكان إذا قصد جهة أقام نائبا عنه في سمرقند فإذا خرج عن البلد خلعوا النائب أو خرجوا مع النائب وأظهروا المخالفة فإذا رجع تيمور أصلح الحال فإذا خرج من سمرقند عادوا إلى ذلك تكرر ذلك منهم نحوا من تسع مرات فاعمل الحيلة في استئصالهم وأراد عمل سور للبلد وقسم الأعمال على الناس وأفرد أولئك مع رؤسائهم في جهة ورتب أناسا من أعوانه في مكان وأمرهم بقتل كل من أتى إليهم فكان إذا فرع الناس من العمل خلع على رؤسائهم فإذا أفضت النوبة إلى رؤساء المفسدين خلع على الواحد منهم بالذهاب لذلك المكان لقبض الجائزة فيقتل حتى قتلهم جميعا.
بلاد سمرقند التي ملكها تيمور قال هي سمرقند وولاياتها وهي سبعة تومانات. واندكان وجهاتها وهي تسعة تومانات. والتومان عبارة عما يخرج منه عشرة آلاف مقاتل.
وسمرقند وسورها قديما على ما زعموا اثنا عشر فرسخا وبنى تيمور على حد سورها من جهة الغرب قصبة سماها دمشق تبعد عن سمرقند الآن نصف يوم ومن مدن ما وراء النهر مرغينان وكانت دار الملك قديما وخجند وترمذ وهما على ساحل جيحون ونخشب وهي قرشي وكش وبخارى واندكان.
ومن الولايات بلخشان وممالك خوارزم وإقليم صغانيان وغيرها وفي عرفهم ان ما وراء النهر إلى جهة الشرق توران وما كان في هذا الطرف إلى جهة الغرب إيران. والعراق هو مغرب إيران.
مصاهرته ملك المغول قال وتزوج تيمور بنت قمر الدين ملك المغول وصالحهم وصافاهم فامن شرهم وهم جيرانه من جهة الشرق وتفرع لفتح خوارزم.
أخذه بخارى في البدر الطالع كان في عصره أمير ببخارى يعرف بحسن من أكابر المغول وآخر بخوارزم يعرف بالحاج حسن الصوفي وهو من كبار التتر فنبذ إليهم تيمور بالعهد زحف إلى بخارى فملكها من يد الأمير حسن. وقال ابن حجر أول ما جمع عسكرا ونازل أمير بخارى حسن المغلي فانتزعها منه.
قصده مملكة خوارزم في عجائب المقدور وهي ذات مدن عظيمة وقاعدتها جرجان واسم سلطانها حسين حسن الصوفي فلما وصل تيمور إلى خوارزم كان سلطانها غائبا فاستولى على ما حولها وحاصرها ثم عاد عنها إلى بلاده واستعد وجهز جيشا عظيما وعاد إليها وسلطانها غائب وحاصرها وضيق عليها فخرج اليه تاجر من أهلها اسمه حسن سوريج وطلب منه أن يرحل عنها على مال يأخذه فطلب منه حمل مائتي بغل فضة فلم يزل يراجعه ويلاطفه حتى قبل بربع ذلك فدفعه اليه من ماله ورحل عنهم إلى سمرقند.
فتحه هراة قال ثم أنه راسل سلطان هراة الملك غياث الدين وكان قد خلص تيمور من القتل وطلب منه الدخول في طاعته فأبى فعبر تيمور جيحون وتوجه اليه فلم يكن لغياث الدين به قوة فجمع حشمه وسكان قراه في هراة بمواشيهم وحفر خندقا حولى البساتين فلم يكترث تيمور له بقتال ولكنه أحاط به بعساكره فاشتد الأمر على غياث الدين وقلت الأقوات عنده وهلكت المواشي فأرسل يطلب الأمان فأمنه وحلف له على ذلك فخرج اليه ودخل تيمور المدينة وصعد إلى القلعة وصحبته السلطان وأراد بعض الناس أن يفتك بتيمور فنهاه السلطان وقبض على ملك هراة ومنعه الخروج من المدينة.
زيارته الشيخ زين الدين الخوافي قال كان قد سمع أن في قصبة خواف رجلا يدعى الشيخ زين الدين أبا بكر يدعى له الولاية والمكاشفة فقصد إلى زيارته، فلما دخل عليه قام الشيخ له، فانكب تيمور على رجليه فوضع الشيخ يديه على ظهر تيمور، قال تيمور لولا أنه رفع يديه عن ظهري بسرعة لخلت أن السماء وقعت على ظهري، ثم جلس وقال للشيخ لم لا تأمرون ملوككم بالعدل والإنصاف؟ قال قد أمرناهم فلم يأتمروا فسلطناك عليهم. أقول وهذا إن صح فهو من بعض فنون السياسة وأساليبها.
فتحه سجستان قال كان أهل سجستان أساؤوا اليه أولا وأصيب منهم فعاد إليها فخرج اليه أهلها طالبين الصلح فأجابهم على أن يمدوه بالسلاح ففعلوا ثم وضع السيف فيهم فلم ينج منهم إلا القليل بالهرب ثم خرب المدينة وحكي انهم لما عادوا إليها بعد رجوع تيمور عنها لم يعرفوا يوم الجمعة ليجمعوا حتى سألوا أهل كرمان عنه.
إطاعة أهل سبزوار له قال ثم قصد مدينة سبزوار وكان واليها يدعى حسن الجوري وهو مستقل بالامارة وهو رافضي فما أمكنه الا الإطاعة وقدم له الهدايا والخدم فأقره على ولايته.
ما جرى له في سبزوار قال كان في سبزوار شريف يدعى السيد محمد السربدال وله أصحاب يسمون السربدالية يعني الشطار وكان هذا السيد مشهورا بالفضائل والمآثر فدعاه تيمور وقال له يا سيدي قل لي كيف املك بلاد خراسان وما السبيل إلى ذلك فقال له السيد أيها الأمير انا لست ممن يتوصل إلى معرفة ذلك فقال له تيمور لا بد لك من ذلك ولولا أنني تفرست فيك المعرفة وصواب الرأي ما سألتك فدله على الخواجة علي بن المؤيد وأمره بإطاعة رأيه وكان الخواجة علي رجلا شيعيا يوالي عليا ويضرب السكة باسم الأئمة الاثني عشر ويخطب بأسمائهم وكان شهما هماما وأوصاه بإطاعته فيما يشير به وبتعظيمه وانزاله في التعظيم منزلة الملوك ثم خرج من عند تيمور وأرسل قاصدا إلى الخواجة علي وأخبره بجلية الحال وأمره ان يحضر إلى تيمور إذا طلبه فاستعد خواجة علي لذلك وهيا الخدمات والتقادم وضرب باسمه واسم متولاه الدراهم والدنانير وخطب باسمهما فجاءه رسول تيمور بكتاب منه يستدعيه فلبى الدعوة فأرسل تيمور خواصه لاستقباله وأقره على ولايتيه أقول وهذا أيضا من أساليب السياسة وفنونها.
إطاعة امراء خراسان له قال ولم يبق في خراسان أمير مدينة ولا نائب قلعة ولا من يشار اليه الا وحضر إلى تيمور وأطاعه فمن أكابرهم الأمير محمد حاكم بارود والأمير عبد الله حاكم سرخس وانتشرت هيبته في الآفاق وبلغت سطوته مازندران