ما قيل، وكان بايزيد قد استولى على بلاد قزمان وقتل صاحبها السلطان علاء الدين وحبس ولديه محمدا وعليا في بروسا، فأخرجهما تيمور وخلع عليهما.
وفود اسفنديار على تيمور قال كان الأمير اسفنديار هذا أحد ملوك بلاد الروم وفي ملكه مدينة سينوب، وهي عاصمته وقسطمونية وسامسون وغيرها. وكان مستقلا بالحكم وبينه وبين الملوك العثمانية عداوة موروثة. ولما بلغه ما فعل تيمور مع أولاد ابن قرمان والتتار وقرايلوك وطهرتن صاحب ارزنجان والأمير يعقوب بن علي شاه صاحب كرمان ومع حكام منشا وصاروخان من الاحسان لما لم يقاوموه. وعلم أنه لا يهيج من أطاعه وفد عليه فقابله بالاكرام وأقره على ما في يده وكان آخر من وفد عليه من الملوك.
أمره بالخطبة وضرب السكة باسم محمود خان واسمه قال وأمر تيمور جميع من أطاعه من ملوك الروم أن يخطبوا ويضربوا السكة باسم محمود خان الملك من ذرية جنكيز واسمه بعنوان الأمير الكبير تيمور كركان. وشتى تيمور في ولاية منشا.
فتحه قلعة أزمير وهي حصن في وسط البحر حاصرها وفتحها يوم الأربعاء عاشر جمادى الآخرة سنة 805 سادس كانون.
ما جرى لمحمد سلطان وسيف الدين وكان كما مر قد استدعى من سمرقند سبطه محمد سلطان والأمير سيف الدين أحد رفقاء تيمور في أول أمره، وهما اللذان كانا قد بنيا مدينة اشبارة. وهي في آخر ملك تيمور على حدود الخطا والمغول والجتا ووليا بها أميرا يدعى ارغون شاه وحصناها وشحناها بالمقاتلة كل ذلك بأمر تيمور.
فخاف المغول من مجاورته لهم فهربوا وأخلوا ما جاوره من بلادهم. فجعلت جنوده تشن الغارات عليهم وهم يفعلون مثل ذلك. وخرج محمد سلطان وسيف الدين متوجهين إلى تيمور فوصلا إلى خجند وعبرا جيحون وقدما سمرقند ووليا بها أميرا يدعي خواجة يوسف. ثم خرجا من سمرقند فمات سيف الدين في خراسان ووصل محمد سلطان إلى جده. ثم توفي في آق شهر من بلاد الروم.
ارساله الله داد إلى اشبارة مر ان تيمور ارسل الثقل مع الله داد من ماردين إلى سمرقند وتوجه هو لأخذ بغداد فأوغر حساد الله داد قلب تيمور عليه. فأرسل إليه مرسوما إلى سمرقند أن يتركها ويتوجه إلى اشبارة وأرسل إلى ارغون شاه والي اشبارة ان يتوجه إلى سمرقند. وكان ذلك كالنفي لا لله داد إلى أقصى البلاد وجعله في وجه العدو، فتوجه كل منهما إلى محل امارته، وأرسل تيمور وهو في بلاد الروم إلى الله داد كتابا يأمره فيه أن يرسل اليه خريطة مفصلة عن تلك البلاد ففعل.
موت بايزيد ومحمد سلطان لما انقضى الشتاء وجاء فصل الربيع عزم تيمور على التوجه من بلاد الروم بعد ما أتم فتحها إلى بلاده وأن يستصحب معه السلطان بايزيد وكان في قفص، فلما بلغ آق شهر توفي بايزيد وتوفي محمد سلطان وبعض يقول أن وفاته من جراحة أصابته في معركة أنقرة. وذلك سنة 805 فامر بحمل محمد سلطان في تابوت إلى سمرقند. فتلقاه أهلها بالنوح والبكاء لابسين السواد فدفنوه بمدرسته. ولما مات تيمور دفن فيها كما مر.
نصائح بايزيد لتيمور قال ابن عربشاه أن بايزيد قال لتيمور انني صرت أسيرا عندك واعلم انني سأموت في أسرك وأنك غير مقيم في هذه البلاد، ولي إليك ثلاث نصائح الأولى ان لا تقتل أهل بلاد الروم فإنهم ردء الاسلام وأنت أولى بنصرة الدين وقد صار اليوم أمر الناس إليك ثانيا أن لا تترك التتار في هذه البلاد فإنهم مادة الفساد الثالثة أن لا تهدم قلاع المسلمين وحصونهم فإنها ملجا الغزاة والمجاهدين. فقبلها تيمور ووفي بها.
ما فعله مع التتار قال ثم إنه جمع رؤساء التتار واستقبلهم بالبشر والبشاشة وقال قد آن أن أكافئكم ولكن قد أضربنا المقام في مضايق الروم، فلنخرج إلى البر الفسيح في ضواحي سيواس، وقال لهم انني قد عرفت بلاد الروم معرفة كاملة، وقد أهلك الله عدوكم فاستخلفكم فيها ولكن أولاد بايزيد لا يتركونكم لما فعلتم مع أبيهم ولا بد أن يلموا شعثهم، وأنا راحل عنكم ولا بد لكم من رئيس يقودكم ولا بد لكم من جند وسلاح فليخبرني كل واحد منكم بما عنده من أولاد وأتباع وآلة سلاح وليحضر ذلك إلي حتى أتمم الناقص، فأخبروه وأحضروا سلاحهم كله، فامر برفعه إلى الزردخانه، وأخذ التتار كالماسورين ووعدهم باصلاح أمورهم ثم حملهم معه إلى بلاده عملا بنصيحة بايزيد وفرقهم في البلاد، فبعث طائفة منهم إلى كاشغر، وأخرى إلى جزيرة أسى كول بجوار المغول، وضم باقيهم إلى ارغون شاه وجهزه إلى ثغور الدشت وحدود خوارزم، وكان هذا دأبه ينقل أهل بلاد إلى بلاد أخرى، فإنه لما استولى على تبريز استناب فيها ولده ميران أو اميران شاه، وضم اليه من قومه طائفة منهم خداداد أخو الله داد، ونقل إلى أطراف الخطا وتركستان عسكر العراقين والهند وخراسان، وولى سماقة ابن التكريتي الذي أتى به من مدينة سيرام، وهي على مسافة عشرة أيام من سمرقند إلى الشرق وولى يلبغا المجنون بلاس وراء سيرام بنحو أربعة أيام.
مسيره من بلاد الروم في التاريخ الفارسي في أواسط شهور سنة 805 رجع إلى آذربايجان، فبقي نحوا من سنة ونصف في آذربايجان والعراق، وجاءه سلاطين الأطراف من كيلان ورشت وغيرها، والبعض أرسل هدية وأطاعوه، وضرب ملك مصر باسمه ذهبا كثيرا وأرسله إليه، وخطب باسمه في الحرمين الشريفين زادهما الله تشريفا وتكريما انتهى. وفي عجائب المقدور ثم سار من سيواس قاصدا بلاده، فلما وصل ارزنجان خلع على عثمان قرايلوك وقرره على ولايته، ووصاه بشمس الدين صاحب قلعة كماخ.
وصوله إلى بلاد الكرج ولم يزل سائرا حتى وصل بلاد الكرج وهو قوم نصارى ومن مدنهم تفليس وكان قد فتحها وطرابزون وآب خاص فامتنعت تلك البلاد عليه