وهو في آذربايجان وصار في جملته، ثم إن أهل سيواس ارسلوا إلى السلطان بايزيد بن عثمان ليسلموه البلد فأرسل إليهم أكبر أولاده سليمان فملك سيواس وتوجه إلى ارزنجان فهرب صاحبها المسمى طهرتن وذهب إلى تيمور واستولى عليها سليمان واخذ أموال طهرتن وذخائره وفضح حرمه فذهب تيمور ومعه قرايلوك وطهرتن إلى ارزنجان فاسترجعها ثم ارتحل إلى ماردين فعصى عليه الملك الطاهر الذي كان أطلقه وملكه كما مر وذلك سنة 802 ثم توجه إلى سيواس وبها الأمير سليمان فأرسل يخبر أباه بايزيد ويستنجده وهو يحاصر استانبول فلم يمكنه انجاده ففر سليمان هاربا ووصل تيمور إليها 17 ذي الحجة سنة 802 فدافع عنها من بها ثم فتحها خامس المحرم سنة 803 وقتل من مقاتلتها نحو ثلاثة آلاف ونهبها. وفي البدر الطالع انه حاصرها سنة 802 مدة ولم يأخذها.
أخذه البستان وملطية وبهسني قال ابن الشحنة وتوجه نحو البستان فوجد أهلها قد أخلوها فأحرقها وخربها ثم توجه إلى ملطية فهرب من كان بها فاخذها وخربها ثم اجتاز على بهسنى فحاصرها ونصب عليها المنجنيق وهدم بعض قلعتها ثم اخذها صلحا، وفي عجائب المقدور انه حاصر قلعتها ثلاثا وعشرين ليلة ثم اخذها ولم يلحق باهلها أذى.
مراسلته النواب بحلب وقتل رسوله في عجائب المقدور ثم أتى إلى قلعة الروم فأقام بها يوما وتركها ولم يحفل بها ورحل إلى عينتاب ثم ارسل وهو في عينتاب رسولا إلى النواب بحلب وفي البدر الطالع انه ارسله من مرج دابق ومعه كتاب لهم طلب فيه منهم ان يطيعوا امره ويكفوا عن القتال وان يخطبوا باسم محمود خان وباسمه وان يرسلوا اليه اطلاميش زوج بنت أخت تيمور الذي كان عند تيمور فخاف فأسره التركمان وأرسلوه إلى مصر فلم يجب إلى شئ مما طلبه وقتل سودون نائب دمشق الذي كان وقتئذ موجودا في حلب مع بقية نواب البلاد الشامية رسول تيمور قبل ان يسمع كلامه وضرب رأسه على رؤوس الاشهاد قالوا وبئس ما فعل قلت والرسل لا تقتل في جميع الأديان والملل، وعن ابن حجر ان الكتاب كان إلى نائب حلب وهو الأقرب إلى الاعتبار وانه يقول فيه انا وصلنا في العام الماضي إلى البلاد الحلبية لاخذ القصاص ممن قتل رسلنا بالرحبة ثم بلغنا موته يعني الظاهر وبلغنا امر الهند وما هم عليه من الفساد فتوجهنا إليهم فاظفرنا الله تعالى بهم ثم رجعنا إلى الكرج فاظفرنا الله بهم ثم بلغنا قلة أدب هذا الصبي ابن عثمان فاردنا عرك أذنه وكان عمر بايزيد يومئذ فوق الثلاثين ودون الأربعين فشغلنا بسيواس وغيرها من بلاده ما بلغكم ونحن نرسل الكتب إلى مصر فلا يعود جوابها فنعلمهم ان يرسلوا قريبنا اطلمش فإن لم يفعلوا فدماء المسلمين في أعناقهم والسلام. فامر نائب حلب بضرب أعناق قصاد تيمور وحصنوا سورها بالمدافع والمكاحل والمقاتلة.
زحفه على حلب وفتحها فلما بلغ تيمور ان رسوله قد قتل زحف من عينتاب على حلب فوصلها في سبعة أيام ونزل بحيلان قرية من قرى حلب ثم نزل يوم الخميس 9 ربيع الأول سنة 703 على حلب وحاصرها وكان نائبها دمرداش وقد حضرت اليه عساكر المملكة الشامية عسكر دمشق مع نائبها سودون وعسكر طرابلس مع نائبها السيفي وعسكر حماه مع نائبها دقماق وعسكر صفد مع نائبها الطنبغا وعسكر غزة مع نائبها عمر بن الطحان وذلك في صفر سنة 803 قال ابن عربشاه ان النواب تشاوروا في حلب وهو في عينتات فقال البعض الرأي ان نحصن البلد ونكون على الأسوار فقال بعضهم هذه إمارة العجز والرأي ان نكون حول البلد فإنه أفسح للمجال فقال نائب طرابلس وكان ذا رأي سديد ان عدد العدو كثير ولكنه أعمى لأنه غريب عن البلاد والرأي ان نحصن المدينة ونكون خارجها في جانب واحد ونحفر حولنا خندقا ونكتب إلى الاعراب والأكراد والتركمان فيتسلطون على العدو بالقتل والنهب فان أقام ففي شر مقام وان رجع فهو ما نريد فقال دمرداش الرأي ان نناجزه ولا نطاوله وان لم نناجزه انس منا الوهن واخذ يحرضهم على ذلك ومما قاله انا إذا كسرناهم فهو المرام وكفينا عسكر مصر المئونة وان كسرونا نكون قد بذلنا المجهود وعذرنا عند السلطان برقوق ولم يزل يحسن لهم هذا الرأي الفاسد حتى اجمعوا عليه لأنه كان صاحب البلد وكان في الباطن موافقا لتيمور ثم إنهم حصنوا المدينة وأوصدوا وأبوابها ووكلوا بكل محلة أهلها وفتحوا البابين المقابلين للجهة التي نزل فيها تيمور باب النصر وباب القناة ويوم وصول تيمور وهو يوم الخميس 9 ربيع الأول سنة 803 برز من عسكره ألفا رجل فبرز إليهم من العساكر الشامية ثلاثمائة فهزمهم هؤلاء وفي يوم الجمعة 10 ربيع الأول برز من عسكره نحو خمسة آلاف فتقدمت إليهم طائفة أخرى واقتتلوا إلى المساء ثم افترقوا وفي يوم السبت 11 ربيع الأول ركب تيمور في عساكره وكان قد عبأها تحت جنح الليل وأمامه الفيلة قيل إنها ثمانية وثلاثون فيلا ففرت ميمنة العساكر الشامية وعليها دمرداش وفر الباقون وجعلوا يلقون أنفسهم من الأسوار والخنادق والتتار في أثرهم يقتلونهم ويأسرونهم فقصدوا المدينة من الأبواب المفتوحة وازدحموا عندها والسيوف تأخذهم حتى سدت الأبواب بالقتلى ولم يتمكن الكثيرون من الدخول وكسر المماليك باب أنطاكية وخرجوا منه وصعد النواب إلى القلعة وتحصنوا فيها ودخل تيمور حلبا بالسيف فلجأت النساء والأطفال إلى الجوامع والمزارات فلم ينفعهم ذلك واستمر القتل والأسر إلى يوم الثلاثاء وأحرقوا المدينة فنزل اليه نائب حلب وبقية النواب وأخذوا في أعناقهم مناديل وتوجهوا إلى تيمور يطلبون الأمان فخلع عليهم قبية مخمل أحمر وألبسهم تيجانا مذهبة وقال لهم أنتم صرتم نوابي. هذا قول ابن اياس وقال ابن عربشاه انه قبض على سودون ونواب طرابلس وصفد وغزة وقيدهم وخلع على دمرداش فقط مكافاة له على مخامرته كما مر ثم ارسل معهم جماعة من أمرائه يتسلمون القلعة وفي يوم الأربعاء صعد إلى القلعة وجلس في أبوابها وطلب العلماء والقضاة فجاءوا اليه فاذن لهم بالجلوس فجلسوا منهم ابن الشحنة صاحب تاريخ روض المناظر والقاضي شرف الدين موسى الأنصاري الشافعي والقاضي علم الدين القفصي المالكي.
أسئلة تيمور لعلماء حلب فقال تيمور للمولى عبد الجبار بن نعمان الدين الحنفي المعتزلي وكان في صحبته ويأتم به وأبوه من العلماء المشهورين بسمرقند قل لهم اني سائلكم عن مسالة سالت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التي افتتحتها ولم يوضحوا الجواب فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبني الا أعلمكم